الولادة والنشأة لم تكن المرحلة الأولى في حياة بكر الشدي عادية، ولد - رحمه الله - في مدينة العيون بمحافظة الأحساء عام «1959»، درس الابتدائية والمتوسطة في مدارس مدينة بقيق، ليعود بعدها إلى محافظة الأحساء مكملاً الثانوية التي توجه بعدها إلى الجامعة، كان شعلة نشاط، برزت من خلال الأنشطة الإذاعية والمسرحية في المدرسة، كان من المواهب القلّة الذين يتقنون اللغة العربية في المسرح والمسلسلات، تميز بخفة دم وكوميديا سوداء بالفطرة. جاءت فكرة بكر الشدي في تزامن وتجميع التعليم وجمع الفن، لا يستطيع التخلص منهما حتى حصل على شهادة الدكتوراه عام «1988» في الأدب المسرحي بدرجة امتياز من جامعة درم البريطانية. يبدو أن المسرح استهواه أكثر قبل «الكرمانية» التي قدمها مع ناصر القصبي في «1982»، عندما كوّن مع عبدالله السدحان ثنائياً على مسرح جامعة الملك سعود في عدة عروض بسيطة، من هناك انطلق مع ثُلة من المبدعين إلى مسرح المربع الكبير ليشارك في مسرحيات شهيرة ك»قطار الحظ « ومسرحية «تحت الكراسي»، التي ذاع صيتها ولفتت الأنظار من خلال أدائه. قبل أن تثمر هذه الإبداعات عن ثنائية عبدالله السدحان في «للسعودين فقط». لم يتوقف بكر الشدي عن المسرح والمسلسلات والبرامج التي ساهمت في توعية المشاهدين وثقافة المجتمع، من بينها مثلاً برنامج «سلامتك» التوعوي الصحي، الذي أنتج قبل أربعين عاماً «1980» بقرار من وزراء الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي. الشهرة والبروز هذه التوجهات الفنية التي تطرأ على بكر الشدي جعلته مشاركاً في العديد من الأعمال العربية، كان يهتم في تطوير نفسه أكثر، منها مسلسل «السعد وعد» مع القدير محمد الطويان ونخبة من الفنانين الأردنيين أبرزهم فؤاد الشوملي وداوود جلاجل وسميرة خوري في عام «1982». هذا الباب الذي ساهم في معرفة القائمين على الدراما العربية في مصر، ما جعلهم يعتمدون عليه في مسلسل «البخيل وأنا» برفقة ملك الشاشة فريد شوقي - رحمه الله- في العام «1983»، هذا المسلسل من تأليف فريد شوقي وإخراج حسين عمارة. نجومية بكر الشدي لم تقف إلى هذا الحدّ، في العام «1987» شارك الراحل في المسلسل الكويتي «عائلة فوق تنور ساخن» إلى جانب رواد الفن الكويتي بينهم الراحلة مريم الغضبان والراحل خالد النفيسي وحياة الفهد، حيث حقق نجاحاً كبيراً في ذلك الفترة، تزامناً مع نجاحات مسلسل»خالتي قماشة»، في تلك الحقبة الذهبية، قدم مسلسل «إليكم مع التحية» وشارك في مسلسلات عدّة منها مسلسل «وداعاً زمن الصمت» مع الفنان السوري هاني الروماني وفاديا خطاب، باللغة العربية الفصحى. وفي أواخر حقبة الثمانينات شارك بكر الشدي في المسرحية السعودية الشهيرة «عويس التاسع عشر» من إخراج عامر الحمود في مهرجان «المسرح التجريبي» بالقاهرة. ليعود إلى البرامج التوعوية «أفتح يا سمسم» عام «1990». بكر الشدي اعتمد على كوميديا الموقف، حيث طلّ في مهرجان» أبها» على مسرح المفتاحة «1999» مقدما فقرة كوميدية أبهجت الجمهور بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل. الراحل لم يكن فناناً عادياً، يتنقل في كل مكان يراه لائقاً في الإبداع، في مذكرات بكر الشدي، بحقبة الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، قدم سهرات تلفزيونية، من أبرزها «بطاقة عودة من الغربة» بجانب النجم الكبير الراحل محمد العلي وعبدالناصر الزاير، محققاً نجاحاً لافتاً في دوره البدوي. تنقل فيها عبر مسلسلات «متعب وعساف» و»عيون ترقب الزمن» و»عذراء الرمال» مع نجوم سوريا والأردن، وفي سنواته الأخيرة، قدم مسلسله الشهير»العولمة» بمشاركة حياة الفهد ومحمد المنصور ومحمد العيسى وفايز المالكي، وحقق من خلاله نجاحاً كبيراً مرسخاً نفسه في وجدانيات المشاهدين. المرض والوفاة بداية الألفية أصيب بورم في المخ، وجد صعوبة في العلاج، بسبب تقدم المرحلة وخطورته، حيث يصعب عليه السفر بالطيارة للعلاج خارج المملكة، وفي اليوم الخامس من شهر أكتوبر عام «2003» توفي الدكتور بكر الشدي عن عمر يناهز «44» عاماً ودفن في مقبرة النسيم في مدينة الرياض، تاركاً خلفه أثراً فنياً لا ينسى، وأسرة تكونت من ثلاثة أبناء فيصل والمعتز والمها ووالدتهم.