بشاربه الكث وملامحه الجادة وعمره الذي يتجاوز العقد الثالث، لا يبدو على سمير أنه شخص مبتذل، لكن إذا اقتربت منه قليلا و شاهدت شاشة الكمبيوترالتي يداعب مفاتيحها فسترى عجبا و ستدرك أنه يعيش مراهقة متأخرة. تمتلئ المدن المغربية بعدد كبير من مقاهي الإنترنت، روادها في الغالب شباب، لكن العجائز المتصابين يدسون أنوفهم في كل شيء هذه الأيام على ما يبدو ، الدردشة والمواقع الجنسية تحظى بحصة الأسد في هذه المقاهي. أما الإبحار في المواقع المفيدة كالصحف والمواقع الثقافية فقلما تجده هنا. يقول محمد:«بصراحة لا أعرف عناوين لمواقع مفيدة.. كل ما أعرفه هو باب الدردشة هذا، حيث يسهل التعرف على أشخاص جدد، والتحدث معهم دون خجل». لكن محمد ربما كان خجلا من تعويض كلمة «أشخاص» ب «فتيات». أصبحت الدردشة هي الحل الأبسط لكل الخجولين والخجولات، المعاكسة بكتابة كلمات تبدو أبسط من قولها بالتأكيد. لتتأكد من هذا ادخل تحت اسم فتاة وستجد أن أصابع يدك العشرة لن تكفيك لعد المدردشين معك و لو استعملتها مرتين. في الدردشة يمكنك أن تخترق كل المحرمات دون الخوف من أن تمتد إليك كف بصفعة قاسية تجعلك تبتسم للمارة دلالة على أن الأمور تسير على ما يرام ولا داعي لنظرات الأسف. الأسماء تتعدد في الدردشة، و كل واحد يعتقد أنه حقق إنجازا غير مسبوق وهو يختار اسمه الذي يحاول ما أمكن أن يكون متفردا وغريبا. «القاتل الحالمة الرومانسي الحياة الوردية» تتعدد الأسماء وتتعدد دوافع اختيارها وتبقى الغاية واحدة، نسبة هواة الموسيقى لا بأس بها في هذه المقاهي، يقومون بتحميلها أو سماعها مباشرة، و هذا جيد على أية حال، شريطة ألا ينتاب الحماس بعضهم ويرفعوا صوت المكبر حتى يثقبوا طبلة أذنيك. نسبة المبحرين في مواقع الصحف تبقى قليلة جدا للأسف، القليلون جدا هم من يفكرون في الاطلاع على آخر الأخبار ومتابعة الأحداث أولا بأول عبر هذه الوسيلة. [email protected]
