إذا كنت من الأشخاص الذين ينزعجون عند سماع الأصوات الحادة وضجيج السيارات، أيضا إن كنت من ذوي الحس المرهف بحيث يؤلمك الكلام النابي والتصرف الأهوج مثل أن تفاجأ بسائق يقف خلفك ضاغطاً منبه سيارته بقوة لتحول سيارتك إلى الصوب الآخر لينفذ هو دون اعتبار لما أنت تخافه من زحام أو كون الطريق غير ملائم لتحرك من هذا النوع أو أن تكون في الوضع المناسب لوجهتك.. أقول إن كنت من ذوي العقول الراسية والبصيرة النافذة فما عليك ستنجو من تلك التصرفات دون شتائم ولاعصي ولاهم يحزنون. وعلى العكس صاحب الطبع الانفعالي والذي يصدق عليه قول الشاعر الا لا يجلهن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا فهو يقابل كل خطل بخطل مثله وكأنه يرى في هذه الطريقة رجولة ينفرد بها دون غيره وربما اعتبرها شجاعة وميزة إذا ما اجتمع باصدقائه وجرى النقاش حولها ونسي أن معظم النار تأتي من مستصغر الشرر ولذا حث الدين الإسلامي على التحلي بالصبر ومخالقة الناس بالخلق الحسن واعتبر هذا مفخرة وليس كما يتصور المتعطشون للعراك مع العباد إذ تجد البعض ما إن يسمع الكلمة الطائشة أو يحصل لسيارته حادث دون قصد يستل عصاه ويندفع بالشتائم دون اعتبار لكرامة الإنسان وربما حالته الصحية فيذيقه الهوان وأنواع العذاب وكأنه وجده داخل منزله. وفي المجالس لا نعدم مثل هذه النماذج ممن يترك لسانه يهذي بسفيه القول وهزيله لدرجة الإساءة لمكانة الأمانة في حياة المسلم فاللسان والعقل منحة منحها الخالق لهذا الانسان وهو محاسب عليهما فكان لزاما عليه أن يحفظ لسانه فلا يتفوه إلا بالكلام الطيب وأن يزن تصرفاته بميزان العقل. فالتعدي وخلق العداوات واشعال الفتن كلها معاول هدم تقوض البناء وتضعف الترابط والتلاحم والتقارب بين الناس. والإسلام سعى لمحاربة كل تصرف يتعارض مع مبادئه السمحة التي تكفلت لإنسان هذه الأرض بالحياة الكريمة. من أجل هذا وجدت الأحكام وسنت الأنظمة وكفلت الحقوق لأصحابها فما الداعي للتطاول على الناس في ساعة غضب وهيجان لنفسد حياتهم ونجلب لهم المتاعب ونكدر صفو عيشهم لابد من وقفة تأمل لكل منا ننظر من خلالها لتصرفاتنا التي يكون منبعها الانفعال والذي لو قيدناه بالخلق الرفيع والتصرف السوي لما بلغ ذروته وأصبح عامل تهديد للأسرة وللشارع والمكتب ولكل جوانب حياتنا. لابد من نبذ العنف في كل أشكاله والتعامل مع الحياة بروح الإسلام لتستقيم احوالنا ويأمن الناس على أنفسهم من حيث يدفع إلى عداوات لا تجلب سوى الحسرة والندامة. عبدالله بن عبدالرحمن الغيهب