أصبح رشق القوات الاسرائيلية المتمركزة على مشارف مدينة رام الله بالضفة الغربية بالحجارة مسألة حياة أو موت بالنسبة للصبي محمد ورفاقه. وكان المتعارف عليه طيلة الاسابيع الماضية أن يتجمع هؤلاء الصبية عقب انتهاء صلاة الجمعة لرشق القوات الاسرائيلية بالحجارة. وهم في ذلك كانوا يقبلون إمكانية تعرضهم لإصابة ما أو حتى لما هو أسوأ من ذلك. يقول محمد «15 عاما» التعرض لإصابة وسام شرف. وتشير تقديرات نشرتها مؤخرا منظمة الاممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونسيف)إلى أن خمس عدد كافة الضحايا الفلسطينيين في الانتفاضة هم من الصبية الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما. معظمهم من المدنيين الابرياء. وشهد الاسبوع الماضي فقط. استشهاد خمسة من الاطفال الفلسطينيين أثناء محاولة اغتيال نفذها الجيش الاسرائيلي في رام الله. وكان أكبر ضحية سناً من بين هؤلاء الخمسة هو محمد بيبار الذي كان في التاسعة من عمره عندما قتله جنود إسرائيليون بالرصاص في مخيم للاجئين في طولكرم صباح «الجمعة». يقول بيير بوبارد رئيس مكتب اليونسيف في القدس: قتل حتى الآن 211 طفلا فلسطينيا مقابل 46 طفلا إسرائيليا. ويشير إلى أن حوالي سبعة آلاف طفل فلسطيني أصيبوا بينما هناك 500 طفل فلسطيني سيعيشون معاقين طيلة ما تبقى من أعمارهم. وأضاف بوبارد أن ثلاثة أرباع الاطفال يظهرون مؤشرات على إصاباتهم بمشاكل نفسانية تظهر في صورة نوبات من البكاء الحاد أو مشاكل في الكلام والنوم والتركيز. وألقى بوبارد بمسئولية ما يصيب الاطفال الفلسطينيين من اضطرابات نفسية على ما يواجهونه بصورة مباشرة من انفجارات ودوي الاسلحة. فضلا عن المشاهد المروعة التي تبثها شاشات التليفزيون في تغطيتها لأحداث العنف في المنطقة. وفي مثل هذه المعركة الدامية التي تدور رحاها بين إسرائيل والفلسطينيين تلاشي منذ أمد طويل الخط الواضح الذي يفرق بين المقاتلين والمدنيين إبان الحرب كما نصت على ذلك اتفاقية جنيف الرابعة. وكان بيتر هانسن المسئول البارز بمنظمة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) قد احتج في وقت سابق من الاسبوع الحالي على تعرض مدرسة فلسطينية مخصصة للطلبة المكفوفين في غزة لنيران الجيش الاسرائيلي. يذكر أن مدرسة النور للمكفوفين معترف بها دوليا وهي الوحيدة من نوعها في قطاع غزة. وكان القصف الاسرائيلي قد تسبب في تدمير 15 فصلا دراسيا من فصولها أي ما يساوي نحو نصف إجمالي عدد الفصول الثلاثين بها. وتعني الهجمات التي يشنها الجيش الاسرائيلي ليلا أن أي نوع من التدريس المنتظم أصبح مسألة مستحيلة تماما. فهناك حالة حرب فعلية في مخيمات اللاجئين حيث يشن جنود إسرائيليون حاليا عمليات مداهمة بزعم البحث عن ناشطين فلسطينيين لكنه يقتل خلال ذلك ويدمر المنازل. وفي رام الله تفتح بعض المدارس أبوابها لكن إدارتها قلصت عدد ساعات الدراسة بها حتى تعطي لتلاميذها ومدرسيها الفرصة للعودة إلى ديارهم مبكرا. هذا إذا سمحت لهم الظروف أصلا الذهاب للمدرسة أولا. تقول التلميذة الفلسطينية ندا «15 عاما»: أولئك القادمون من المنطقة المحيطة يجب عليهم المرور عبر نقاط مراقبة إسرائيلية حيث يجري تفتيش الحقائب والملابس . واصفة كيف أنها تضطر إلى إفراغ محتويات حقيبتها المدرسية على الارض أمام الجنود الاسرائيليين لفحصها قبل أن تعاود جمع حاجياتها مرة أخرى. من جانبه. يعلق والدها عبد القادر بقوله إن الجنود الاسرائيليون يقررون «بمزاجهم» من الذي يجب أن يسمحوا له بعبور نقطة التفتيش. ويؤكد أن الاطفال الفلسطينيين لن ينسوا مطلقا ما يتعرضون له من إذلال ومهانة عند نقاط التفتيش الاسرائيلية. ولاشك أن الحاجة تثبت أنها أم الاختراع هنا حيث بدأت محطة تليفزيون محلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية في بث شرح للمناهج الدراسية لاطفال المدارس لتخفيف آثار الفوضى التي تشهدها العملية التعليمية. كما قام الاثرياء من الفلسطينيين بالتبرع للأسر الفقيرة كي تتمكن من شراء حاجياتها من الزي الالزامي لتلاميذ المدارس الفلسطينية. وتشير أرقام الاونروا إلى أن حوالي نصف الفلسطينيين جميعا يعيشون الآن تحت خط الفقر. أي بدخل يومي يبلغ دولارين فقط. وذلك بعد مرور 17 شهرا من بدء الانتفاضة الانتفاضة الثانية و281 يوما أغلقت فيها كثير من المدن والقرى. ويرتفع هذا الرقم من الفقراء إلى نسبة 80 في المائة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وبينما تواجه السلطات المصاعب في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني ت ت . نجد على الجانب الآخر نجاح الشبكة الاجتماعية التي تديرها حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» هناك.