لك التحية وبعد: عندما تجتاح الخطوب أحدنا أو عندما يتيه في صحراء قاحلة ومن ثم يصطدم بركام من التراب فيأخذ يقلب بصره يميناً وشمالاً عله يجد مخرجاً مما هو فيه فإذا بنجمة ساطعة لامعة براقة تقترب منه رويداً رويداً تختلف عن باقي النجوم إنها «الأم الحنون» تلك الأم التي تأخذنا معها إلى بر الأمان في سفينة الحياة لنبحر معها في رحلة طويلة تبدأ منذ الولادة وحتى الممات. الأم: تعجز الكلمات والعبارات بما فيها من مدح وثناء وإطراء أن تفي حق تلك الإنسانة فهي مجمع الصدق والطيبة والتضحية فعندما يهجرنا الأمل وتستوطننا الآلام لا نجد بعد الله من يذيب صخور اليأس ومن يحطم آلام الأيام سواها. ولكن!!! ما أعظم الحق لتلك الإنسانة.. وما أشد تقصير الخلق تجاهها فإن كانت قالب حنان وشمعة ضياء وقنديلا يضيء الحياة فكم من يد امتدت لتطفئ تلك الشمعة وتحرق هذا القنديل وتذيب هذا القالب باسم العقوق. وكم من صوت علا فوق صوتها ليخرسه وكم من أفٍ رانت في مسمعها لتؤديه. آه منك أيها العاق.. جعلت الأم كالأمة إي والله أصبحت تؤمر لتطيع بعد أن كنت تأمر لتطاع. إن هناك ثلة ممن فقدوا الرحمة ومن ابتلوا بداء العقوق جعلوا من تلك الإنسانة موطناً للآلام والأحزان فإذا هي تهوي صريعة المرض طريحة الفراش بعد أن أمضت زهرة شبابها في خدمتهم فكم سهرت لتنام وكم جاعت لتشبع وكم تعبت لترتاح فهل هذا جزاؤها؟ إنّ ديننا الحنيف لم يترك شاردة ولا واردة إلا تحدث عنها فقد بين فضل الأم وحقوقها فعقوقها ليس ذنباً فقط وإنما من الكبائر التي تورد العقوبة في الدنيا قبل الآخرة فهلاّ نعي ذلك قبل فوات الأوان.. ونتذكر أنها باب من أبواب الجنة ففي الحديث «الزم رجليها فثم الجنة». قيل لأحد السلف حين رآه حزيناً على فقد والده كأنك لا تؤمن بالموت قال بلى ولكن «أقفل باب من أبواب الجنة». فإذا كان الأب باب من أبواب الجنة فإن الأم هي الباب الآخر التي فضلها عليه السلام وبين حقها حين قال في الحديث أمك.. ثم أمك.. ثم أمك.. الحديث فقبل فوات الأوان وقبل أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت قبل كل ذلك، ارجع أيها العاق إلى رشدك وتسامح مع أمك قبل أن تبحث عنها فلا تجدها حينها لا ينفع الندم واعلم أن ما زرعته ستحصده غداً من أبنائك. فكما تدين تدان.. * مرفأ: أماه: كم هي ضئيلة كلماتي وهزيلة حروفي وقزم قلمي أمام عملاق روعتك. أماه كم ألقيت بذور المنى في أرض أسراري وزرعت نبتة الفرح في كل أيامي ورويت شجيرات الهنا برحيق أحلامي، فلك مني خالص دعواتي وأدامك الله تاجاً فوق رؤوسنا ما حيينا، آمين،.. وللعزيزة الجزيرة الشكر والتقدير، طيف أحمد - الوشم ثرمداء