التسلسل البيروقراطي أمر متعارف عليه؛ موظف، رئيس قسم، مدير، وكيل وزارة، نائب وزير، وزير، إلخ وما تشمله من تفريعات ومسميات أخرى. لكل مستوى صلاحياته، وعادة ما يبدأ التعامل المباشر مع موظف مهمته تطبيق أساسيات العمل، بصلاحيات دنيا موافقات مدير أعلى والمدير قد يحتاج إلى الموافقة أو الاستثناء ممن هو أعلى وهكذا تزيد الصلاحيات بعلو المنصب في الهرم البيروقراطي. المراجع أو العميل يعرف هذا التسلسل لذلك عندما يعجز عن إنجاز معاملته أو حصوله على ما يراه حقاً له، يصعد الأمر للمسؤول (واللغة هنا تشمل المذكر والمؤنث) الأعلى. يشتكي على مدير الإدارة فإن لم يجد إجابة يلجأ لوكيل الوزارة وهكذا يسير وفق التسلسل الإداري. المشكلة هي عندما لا يستوعب المدير أو وكيل الوزارة أو من هو أعلى بأن المواطن أو المقيم حينما لجأ إليه فلأنه لم يجد الحل لدى من هو أدنى منه، وبالتالي مسؤوليته مساعدته بإيجاد حل لمشكلته. أسهل تصرف سلبي يقوم به ذلك المسؤول هو إعادة المعاملة للموظف أو المدير الأدنى دون توجيه أو حل، ودون بحث. أو أن يتبنى موقف الموظف الأدنى دون تمحيص. ألم تسأل نفسك يا صاحب السعادة أو المعالي لماذا لجأ إليك صاحب الشكوى أو الطلب؟ ألم تدرك بأنه لجأ إليك لأنه لم يجد حلاً مناسباً لمن هو أدنى منك؟ طبعاً هناك ما هو أسوأ عندما تهمل الرد ولا تبلغ صاحب المعاملة بالإجراء الذي اتخذته! طورت منصات تواصل إلكترونية بدلاً من البرقيات والخطابات وتحرص الجهات على إبراز عدد المعاملات التي ردت عليها من خلالها، لكن المؤسف هو استمرار السلبيات أعلاه، ليصبح همنا فقط الرد، كيفما اتفق. يعينون موظف متواضعة إمكاناته ينظر في عنوان الطلب أو الشكوى ويرد على المواطن بالإكليشة السهلة، عليك مراجعة الإدارة المعنية، لا يدركون بأن الموظف لن يشتك لهم لو أنصف ممن هو أدنى. أصبحت التقنية بهذا الشكل مصدراً يضاف للحاجب التقليدي المانع لوصول الناس وطلباتهم للمسؤول. حجة المسؤول بأنه مشغول غير مقبولة، فهي مشكلته إذا لم يجد تنظيم وقته ولم يختر ويدرب الأكفاء ممن هم أدنى ولم يسهل آليات العمل. زيادة الشكاوى مؤشر خلل ومؤسف التباهي بعدد الشكاوى التي تم التعامل معها وليس بالقضاء على الشكاوى وتقليصها. هناك خلل كبير، إذا كان النظام التقني ومثله التقليدي يحجب وصول الشكوى وإذا كان المسؤول لا ينظر في الشكوى بجدية وكل معاملة تعود للموظف الذي بدأها. صاحب الطلب يجب أن يوصل صوته سواء كان على حق أو باطل ويجب الرد عليه ممن وجهت له الشكوى، إيجاباً أو سلباً. ملاحظة أخيرة، البريد الإلكتروني الرسمي يجب اعتباره وسيلة تواصل رسمية والتعامل معه بجدية وإصدار تشريع يسمح ويحدد آليات تفتيش البريد الإلكتروني للموظف أياً كان موقعه، متى دعت الحاجة لذلك. هناك إهمال كبير في التعامل مع البريد الإلكتروني كوسيلة تواصل ومراجعة ومحاسبة ولا تعرف الناس كيف تصل للمسؤول إذا كان لا يرد على البريد الإلكتروني ولا تصله الشكوى بالطرق الأخرى.