* يصبحون ويمسون على «روتين»، هو جزء أساسي من الحياة اليومية، عشرات «التواقيع» على ورقة صغيرة تنتفخ من توقيع فلان وعلان بكلمات مكررة: لا مانع، لاتخاذ ما ترونه، الرأي الأول والأخير لكم، حسب النظام، وهكذا. بعضهم قد لا يعرف ما هو النظام، لذلك يهرب إلى الكلمتين المذكورتين آنفا. حادثة رددت كثيرا، وهي أن مسؤولا عربيا اعتاد أن يوقع دون قراءة محتوى الموضوع، ما وضعه في مواقف محرجة ومؤسفة لأن الكلمات السابقة تتداخل في مواقع غير أماكنها الأساسية أو الصالحة لها.. إضافة إلى أن بعضهم يمرر عليه أوراقا لا علاقة له بها، حتى وصل الأمر إلى تقديم طلب ترقية لموظف اختفى منذ أعوام، كتب في نهاية الورقة: «لا مانع»! أخرى، عبارة عن ورقة بطلب إجازة من شخصية لا علاقة لها بالعمل في القطاعين العام والخاص.. كتب في نهايتها: حسب النظام! مع أننا نعيش في زمن الحكومة الإلكترونية، إلا أن هناك من يعيش زمن الملفات والأوراق والبطالة المقنعة والتضخم، المعاملة في رأي الكثير لا قيمة لها إذا لم تكن منتفخة وتحمل على الأكتاف. لا قيمة للعمل إذا لم يتردد «المراجع» أكثر من مئات المرات لإنهاء معاملة. بعض القضايا ترتبط بوجود المدير أو الموظف، فإذا ذهبا في إجازة أو مرض، فعلى المراجع أن ينتظر حتى نهاية الإجازة أو شفاء الموظف، وإذا مات.. كان الله في العون. ربما تبدأ عملية جمع الأوراق من جديد، وتدخل في «بيروقراطية» تصعب نهايتها، أو ألا يرد الموظف السلام، بينما الابتسامة لا تعرف طريقها إليه، والرد الجاف على حق المواطن بطريقة استفزازية. «بيروقراطيون» في التعاملات اليومية، والذهاب إلى المدرسة والعمل فيها «بيروقراطية»، لذلك نلقن الطلاب والطالبات «الروتين» مثلما يأكلون الطعام ويشربون الحليب، والذهاب إلى السوق والعمل روتيني. لهذا فإن أي معاملة في دائرة، تخضع لروتين طويل عريض يستغرق أياما وأسابيع، وربما أشهرا وأعواما. وكم من معاملة وصلت أوراقها إلى المئات والآلاف، أصفار على الشمال.