لن تنتظر إسرائيل حتى تصبح عرضة لمخاطر السلاح النووي الإيراني الذي يهدد وجودها في المنطقة، فهي من بين الدول الأكثر شراسة في محاولة منع إيران من تقدمها في البرنامج النووي وتطوير قدراتها الصاروخية، وذلك بعد أن أيقنت أن وسائل الدبلوماسية التي اتخذها الغرب تجاه البرنامج النووي الإيراني لن تجدي نفعاً، وهو ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يشكك مرارًا في مدى امتثال إيران بخطة العمل الشاملة المشتركة، والتي أصبحت في نظره عبارة عن موافقة صامتة من الدول الموقعة عليها لاستمرار تقدم برنامج إيران النووي. وكانت الشكوك التاريخية لخبراء المخابرات حول عدم كفاءة الدبلوماسية لتحييد الطموحات النووية أحد الأسباب التي دعت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب للانسحاب من خطة العمل الشامل المشتركة مع إيران، فإلى جانب عدم كفاءة الخطة الموقعة تلك كان إيمانه عميقاً بعدم فاعلية الأساليب الدبلوماسية لتحييد طموحات إيران النووية والصاروخية، وهو ما جعل إدارته تعمد إلى تطبيق خطة الحصار الاقتصادي بتطبيق أقصى العقوبات وذلك للحد من سرعة وتيرة البرنامج النووي الإيراني والضغط على إيران للتفاوض حول بنود خطة العمل الشاملة المشتركة. ويستخدم الإسرائيليون العمل الخفي (Covert Action) كأداة لكبح أنشطة إيران النووية، إلا أنهم نادرا ما يشيرون إلى ذلك علناً رغم وجود حرب صامتة تدور رحاها منذ عقود من الزمن، استخدمت فيها كافة عمليات التخريب والاغتيالات والأنشطة السرية الأخرى المتنوعة، بهدف إلحاق الضرر بالأنشطة النووية الإيرانية ومنع وصولها للقدرات النووية. من بين تلك الوسائل الخفية التي استخدمتها إسرائيل وبشكل متزايد الأسلحة السيبرانية كوسيلة لتتدخل وإبطاء قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، فقامت في عام 2010 وبالتعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية بشن هجمات الإلكترونية على شبكات الحاسوب التي استهدفت أجهزة الطرد المركزية في منشأة نطنز النووية بواسطة ما يسمى بدودة الحاسوب Stuxnet، والذي وصفها خبراء الأمن الإلكتروني بأنها أحد أكثر الأسلحة الإلكترونية تطوراً وتدميرًا على الإطلاق. ومن جانب آخر، غالبًا ما فضلت إسرائيل تكتيكات الاغتيالات السرية ضد أعدائها رغم أن الكثير من خبراء الاستخبارات والمحللين الاستراتيجيين ينظرون إلى هذا النوع من العمليات التي تم تنفيذها ضد العلماء والمهندسين المشاركين في البرنامج النووي الإيراني على أنها الأكثر إثارة للجدل، حيث قتل ما لا يقل عن ستة علماء إيرانيين بارزين بين عامي 2007 و2020 كان آخرهم محسن فخري زادة الذي يعتقد أنه الأب الروحي للبرنامج النووي الإيراني. وعلى الرغم من كل العمليات السرية التي نفذتها إسرائيل ضد البرنامج النووي الإيراني، إلا أنها لم تستطع شل عمله إلى ما لا رجعة فيه، رغم نجاح حملاتها السرية لإحداث تأخير وتعطيل في تقدم البرنامج النووي، فهل ستلجأ إسرائيل إلى شن ضربة عسكرية وقائية تنهي فيها برنامج إيران النووي وتعيده إلى مرحلة الصفر، حماية لكيانها؟