يأتي توجه الكثير من دول العالم لاعتماد التعلم عن بعد كنظام تعليمي يوفر حماية للطلاب من انتشار فيروس كورونا، ويقلل من الأعباء الصحية الملقاة على كاهل الدولة وتثقل ميزانيتها. ورغم هذا التوجه إلا أنه وكالعادة ومع كل قرار- منذ خلق الله آدم عليه السلام- تجد الناس قد اختلفوا حوله. وبالنظر إلى قرار معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ بالتوجه نحو التعلم عن بعد خلال الربع الأول من العام الدراسي الجديد 2020 - 2021 نجد أن نظرة المجتمع له قد تباينت ما بين الرفض التام للقرار إلى التأييد التام له، وبينهما ردود فعل مختلفة. وقد حاولت أن أجمع بين وجهات النظر المختلفة للقرار ووجدت أن هذا القرار يمثل الصراع الجديد بين الأجيال؛ تلك العبارة التي تناولتها البشرية كلها منذ خلق آدم عليه السلام للدلالة على عدم اتفاق الآباء مع توجهات الأبناء في أغلب القيم والأفكار الحياتية. فصراع الأجيال الجديد ليس مرتبطا بأسلوب حياة؛ ولكنه مرتبط بأسلوب تعلم. فقبل جائحة كورونا كان النداء اليومي للوالدين: خل جوالك شوي. ترا كثرة استخدام الجوال يسبب الأمراض. خل عنك هالأجهزة؛ ترى بيجيك توحد، وغيرها من العبارات التي تصب جميعها في رفض الوالدين للإفراط الزائد من الأبناء لاستخدام التقنيات بكافة أشكالها، والاندماج في وسائل التواصل الاجتماعي بكل لغاتها. وخلال التعليق الأول للدراسة؛ تحول التهديد والوعيد بسحب الجوال والحرمان من الألعاب والأجهزة المحمولة إلى شبه أمر بضرورة استخدام هذه المحظورات الخطرة للحصول على المعرفة التعليمية المطلوبة؛ وهنا تأتي الطامة الكبرى! نستخدم أم لا نستخدم. تصلح أم لا تصلح. ويمثل صراع الأجيال فرصة ثمينة للمتربصين بأبناء الوطن المستهدفين لهم؛ والذين استبدلوا أثوابهم من أصدقاء السوء إلى الأنترنتيين الذين يعملون ليلا ونهارا لاختراق منظومة القيم والأخلاق الاجتماعية من خلال البرامج والتطبيقات التي ينتجونها من أجل هدف واحد فقط هو استقطاب المراهقين والشباب إلى عالمهم المزين بكل الإغراءات والمغلف بعبارة الهروب من صراع الأجيال. إن توجه الدولة يحفظها الله نحو التعلم عن بعد وتعليق حضور الطلاب للمدارس يعطي فرصة كبيرة وثمينة وربما لن تتكرر لكل الأسر ليس في المملكة فقط ولكن في جميع الدول التي تعاني من صراع الأجيال أن تعيد بناء علاقتها بأبنائها، وكذلك للأبناء أن يعيدوا بناء علاقاتهم بأسرهم، وأن يكون بقاؤهم في المنزل واستخدامهم للوسائل التقنية عامل بناء لمستقبل مشرق لهم بإذن الله، وأيضا فرصة للتخلص من العادات السيئة التي كانوا يمارسونها بعيدا عن أعين الأبناء. وفي الختام أوجه ندائي إلى كل أب وأم أن يستفيدوا من وجود الأبناء في المنزل ومن التقنية المستخدمة ويستعيدوا زمام المبادرة في المشاركة في تربية الأبناء بأسلوب عصري جديد يتفق مع طبيعة المجتمع الآن ويخلصنا من نغمة: صراع الأجيال.