تكاد لا تخلو قناة عربية من برنامج عن الطبخ لوصفات وطبخات جديدة وتلقى إقبالاً ورواجًا عند المشاهدين، لذا يستثمر فيها ميزانية مجزية لتظهر متقنة وجذابة ومتجددة مع تجدد في طريقة الطرح والأفكار، كإنتاج برامج تفاعلية يتقدم لها آلاف المتسابقين من مختلف أرجاء الوطن العربي للبحث عن الطباخ الأفضل وحلمهم الفوز والشهرة ووضع اسمه في خانات الطباخين، كما لا ننسى ما حققته كتب الطبخ من النجاح في النشر والتوزيع والذي أوجب عمل أجزاء وإصدارات جديدة والتي حققت عوائد مالية مجزية وأصبح أغلب مؤلفيها ضيوفًا في كثير من البرامج الاجتماعية والرياضية وأحيانًا السياسية، ويدلون بآرائهم بكل ثقة متناسين أن نجاحهم في طبخ طاجن بامية أو هريسة بالمكسرات لا يخولهم في (التخبيص) الاجتماعي أو الرياضي أو السياسي وتكون آراؤهم كالطبخة المحروقة. ومع بدء عصر الهواتف الذكية وتحميلها بمختلف البرامج والتطبيقات التي سهلت علينا الحصول على الخدمات والمعلومات والتواصل وتكوين العلاقات الاجتماعية والحصول على الأخبار والاشتراك في الألعاب والعديد من الخدمات المتنوعة، والتي حققت عوائد مالية فلكية لصانعيها مع تكلفة بسيطة للفكرة في البداية، إلا أنها استطاعت من الانتشار وجذب مئات الآلاف أو ملايين المستخدمين. وأصبحت هذه التطبيقات والبرامج والمواقع تنتج في مختلف دول العالم شرقًا وغربًا تستخدم لدينا وتحقق لهم إيرادات بمليارات الدولارات مع قدرتها على معرفة عاداتنا ومزاجنا وكيفية استغلاله أو استثماره والتأثير به، مع اكتفائنا بالاستخدام (وأحيانًا السيء لها) دون ترك أثر أو نشر قيم أو تعريف بنا، إلا أنه من باب الأمانة الموضوعية استطعنا من إيجاد عشرات التطبيقات الخاصة بنا لكنها للأسف تتعلق أغلبها بالتسوق الإلكتروني وبرامج وتطبيقات طلب الطعام من المطاعم مع تنافس بينها في جذب الزبائن من خلال الخصومات وسرعة الوصول لطلبك ساخنًا وفي أقصر وقت ممكن، ومع توسع وتعدد هذه التطبيقات التي تهتم بتنوع الأكلات والعروض وتقديم عشرات الخيارات مع سهولة الحصول على وجبات في أي وقت فقط كل ما عليك الطلب واستمتع بوجبتك. نجاح تطبيقات طلب الطعام في عالمنا العربي، هل ممكن أن تحفز شبابنا في البحث عن إنتاج تطبيقات أو برامج جاذبة وعملية وفريدة لها القدرة على الانتشار والشهرة العالمية وتحقق أرباحًا وتسهم في نشر ثقافتنا أو هويتنا وتعكس مدى تطورنا وفكرنا وقدرتنا التعليمية وبأننا نستطيع أن نساهم في توفير تطبيقات مفيدة وفعالة يمكن أن يستخدمها الجميع في أرجاء العالم كافة، علمًا أننا عندما نقرأ عن تطبيق معين بأنه بدأ كفكرة بسيطة لكن نجاحه بسبب الإصرار والعزيمة والمثابرة وتطويره حتى يناسب الجميع مع تبنى ودعم رجال الأعمال أو الشركات الكبرى واحتضانها لهم لتحقيق النجاح المحلي والعالمي في توفير تطبيق جذاب ومفيد وفعال ومؤثر. ومع توجه العالم للذكاء الاصطناعي والتكنلوجيا الرقمية والبرامج التفاعلية، هل نشهد برامج تلفزيونية واهتمامًا إعلاميًا ومسابقات محفزة ودعمًا ماليًا لصناعة تطبيقات مفيدة ومؤثرة وتحقق انتشارًا محليًا وعالميًا وعوائد مالية...؟؟!! واستثمار ما تحقق من نجاح لافت ومثمر في بعض التطبيقات الحكومية لتقديم خدماتها بسرعة وكفاءة وسهولة، لتكون دافعًا إيجابيًا لتحفيز قدرت وعقول الشباب للاستثمار ودعم تجاربهم في صناعة تطبيقات تتمكن من جذب المستخدمين من أنحاء العالم كافة لتحقيق تأثير وعوائد مربحة على مختلف الأصعدة، ولكن لا بد أن نقتنع أن برامج الطبخ وتطبيقاتها لن توصلنا سوى لمزيد من السمنة وما يرتبط بها من أمراض وثقل في التفكير مع استنزاف الموارد الطبيعية والمالية ويكون ضحيتها خروف أو تيس وقع ضحية خطأ أو مناسبة نجتمع فيها توجب التضحية به، ورغم متعة الطعام وحاجة الإنسان له نتمنى أن نعامل عقولنا والاستثمار فيه كما نتعامل مع غذائنا والبحث عن أطيب الطعام وألذ الوصفات مع الحرص على ما ينمي عقولنا في اجتماعاتنا ولقاءتنا كحرصنا على ما يملأ بطوننا.