يكون عادةً الابن أو البنت ضحية الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق حيث تؤثر الأوضاع الأسرية المتقلبة على حياة الطفل وتساهم في شقائه وتربية وسط بيئة غير مناسبة لا يجد فيها عادة الحنان الدافئ والمعاملة المثالية والتوجيه السليم.. عن أيهما أفضل لاحتضان الطفل وتربيته الأم أم الأب وما الحكم الشرعي في ذلك.. كل هذا تعرفه من خلال الأسطر التالية: في البداية نستعرض الجانب الشرعي في الموضوع في رأي لفضيلة الشيخ صالح الفوزان الذي قال فيه: ü الحضانة: مشتقة من الحضن وهو الجنب لأن المربي يضم الطفل إلى حضنه والحاضنة هي المربية هذا معناها لغة. ü وفي الشرع: فهي حفظ صغير ونحوه عما يضره وتربيته بعمل مصالحه البدنية والمعنوية. ü الحكمة في الحضانة: ذلك أن الصغير ومن في حكمه ممن لا يعرف مصالحه كالمجنون والمعتوه يحتاج إلى من يتولاه ويحافظ عليه بجلب منافعه ودفع المضار عنه وتربيته التربية السليمة. والشريعة الإسلامية جاءت بتشريع الحضانة لهؤلاء رحمة بهم ورعاية لشؤونهم وإحساناً إليهم لأنهم لو تركوا لضاعوا وتضرروا، وديننا دين الرحمة والتكافل والمواساة ينهى عن إضاعتهم، ويوجب كفالتهم وهي حق للمحضون على قرابته وحق للحاضن بتولي شؤون قريبه كسائر الولايات. وتجب الحضانة على الترتيب الآتي: 1 الأم فإذا تزوجت انتقلت الحضانة منها إلى غيرها وسقط حقها فيها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني؟ فقال: لأنت أحق به ما لم تنكحي.. رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله «الأم أصلح من الأب لأنها أوثق بالصغير وأخبر بتغذيته وحمله وتنويمه وتنويله وأخبر وأرحم به، فهي أقدر وأخبر وأصبر في هذا الموضع فتعينت في حق الطفل غير المميز بالشرع. 2 ثم بعد سقوط حق الأم للحضانة تنتقل إلى أمهاتها جدات الطفل القربى فالقربى، لأنهن في معنى الأم، لتحقق ولادتهن وشفقتهن على المحضون أكمل من غيرهن. 3 ثم بعد الجدات اللاتي من قبل الأم تنتقل الحضانة إلى أبي الطفل لأنه أصل النسب وأقرب من غيره، وأكمل شفقة. 4 ثم بعد سقوط حق الأب من الحضانة تنتقل إلى أمهات الأب أي الجدات من قبل الأب القربى فالقربى لأنهن يدلين بعصبه قريبة، وقدمن على الجد، لأن الأنوثة مع التساوي توجب الرجحان، كما قدمت الأم على الأب. 5 ثم بعد سقوط حق الجدات من قبل الأب في الحضانة تنتقل إلى الجد من قبل الأب الأقرب فالأقرب، لأنه في معنى أبي المحضون، فينزل منزلته. 6 ثم بعد الجد تنتقل الحضانة إلى أمهات الجد القربى فالقربى لأنهن يدلين بالجد ولما فيهن من وصف الولادة فالمحضون بعض منهن. 7 ثم بعد أمهات الجد تنتقل الحضانة إلى أخوات المحضون لأنهن يدلين بأبوية أو أحدهما، فتقدم الأخت لأبوين لقوة قرابتها ولتقدمها في الميراث ثم الأخت لأم، لأنها تدلي بالأمومة، والأم مقدمة على الأب ثم الأخت لأب وقيل: الأولى تقديم الأخت لأب على الأخت لأم، لأن الولاية للأب وهي أقوى في الميراث، لأنها أقيمت فيه مقام الأخت لأبوين عند عدمها وهذا وجيه. 8 ثم بعد الأخوات تنتقل الحضانة إلى الخالات، لأن الخالات يدلين بالأم ولما في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخالة بمنزلة الأم» وتقدم خالة الأبوين ثم خالة الأم، ثم خالة الأب كالأخوات. 9 ثم بعد الخالات تنتقل إلى العمات، لأنهن يدلين بالأب وهو مؤخر عن الأم. 10 ثم بعد العمات تنتقل الحضانة إلى بنات الإخوة. 11 ثم بعدهن إلى بنات الأخوات. 12 ثم بعد بنات الإخوة وبنات الأخوات تنتقل الحضانة إلى بنات الأعمام. 13 ثم إلى بنات العمات. 14 ثم بعدهن تنتقل الحضانة لباقي العصبة الأقرب فالأقرب الإخوة ثم بنوهم، ثم الأعمام، ثم بنوهم. فإن كانت المحضونة أنثى، اشترط كون الحاضن من محارمها فإن لم يكن محرماً لها سلمها إلى ثقة يختارها. موانع الحضانة: الرق فلا حضانة لمن فيه رق. لا حضانة لفاسق لأنه لا يوثق به فيها. لا حضانة لكافر على مسلم. لا حضانة لمزوجة بأجنبي من محضون. كيف يختار الغلام أحد أبويه ويواصل الشيخ الفوزان رأيه قائلاً: وأما تخيير الغلام بين أبويه فيحصل عند بلوغه السابعة من عمره، فإذا بلغ سبع سنين وهو عاقل، فإنه يخير بين أبويه، فيكون عند من اختار منهما قضى بذلك عمر وعلي رضي الله عنهما وروى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي يريد أن يذهب بابني فقال «يا غلام هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به». ولكن لا يخير الغلام إلا بشرطين وهو أن يكون الأبوان من أهل الحضانة كذلك أن يكون الغلام عاقلاً، فإن كان معتوهاً بقي عند الأم، لأنها أشفق عليه وأقوم بمصالحه. وإذا اختار الغلام العاقل أباه صار عنده ليلاً ونهاراً ليحفظه ويعلمه ويؤدبه لكن لا يمنعه من زيارة أمه لأن منعه من ذلك تنشئة له على العقوق وقطيعة الرحم، وإن اختار أمه صار عندها ليلاً وعند أبيه نهاراً ليعلمه ويؤدبه وإن لم يختر واحدا منهما، أقرع بينهما، لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر إلا بالقرعة. والأنثى إذا بلغت سبع سنين، فإنها تكون عند أبيها إلى أن يتسلمها زوجها، لأنه أحفظ لها وأحق بولايتها من غيره ولا تمنع الأم من زيارتها مع عدم المحذور فإن كل الأب عاجزاً عن حفظ البنت أو لا يبالي بها لشغله أو قلة دينه، والأم تصلح لحفظها، فإنها تكون عند أمها. رأي اجتماعي من جانب تحدثت المشرفة الاجتماعية نجلاء عبدالعزيز الثنيان قائلة: يعد الزواج سنة من سنن الحياة، ونعمة من نعم الإله وقد دعا ديننا الإسلامي بالزواج بصور متعددة فهو واجب اجتماعي، وسكن نفساني وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل ولا تشعر النفس بالراحة ولا تطمئن في سريرتها بدونه، كما أنه عبادة يستكمل بها نصف دينه ويلقى بها ربه على أحسن حال من الطهر والنقاء. فيسعى الإنسان دوماً من خلال الزواج إلى تكوين أسرة فهي أهم عوامل التنشئة للطفل وهي المتمثلة الأولى للثقافة، وأقوى الجماعات تأثيراً في سلوك الفرد فهي التي تسهم بالقدر الأكبر في الإشراف على النمو الاجتماعي للطفل وتكوين شخصيته وتوجيه سلوكه التوجيه السليم. ففي بعض الأحيان تنهار مملكة الأسرة بالطلاق نتيجة لأسباب اجتماعية أو مادية أو ثقافية أو نفسية يكون ضحية هذا الطلاق الأطفال، فيتعرضون لآثار نفسية جسيمة ولظروف غير مناسبة في أي وسط بيئي يسكنه، فيسكن بعيداً عن والديه في جو يسوده الرفض والإهمال لطفل ونقص الرعاية فيكون شعور الطفل عدم الأمن والخجل وعدم القدرة على تبادل العواطف أيضاً قد يشعر الطفل بالعزلة وعدم وجود من يتمثل به في غياب وانشغال الوالدين. وكم هو مؤسف بأن تجد مجتمعنا السعودي يعاني من نسبة طلاق كبيرة تكاد توازي نسبة الزواج.