قامت شبكتا سي.إن.إن الإخبارية وفوكس نيوز الأمريكيتان خلال الشهور الأخيرة بتغطية مشبعة إلى حد التخمة لأحداث الحرب البعيدة في أفغانستان، لكن بالمعايير التليفزيونية، تجري حاليا معركة مثيرة أخرى في الاستوديوهات الخاصة بالمحطات الإذاعية والتليفزيونية والشبكات الإخبارية التي تدور بينها منافسة ضارية على تحقيق الهيمنة الإعلامية والسبق في الخبر، وذلك عن طريق خطف نجوم كل منها الآخر. كما يبدو أنها تتنافس أيضا على عرض برامج جماهيرية إخبارية تضم نجوما وشخصيات وخطباء من أصحاب البلاغة والشعبية الطاغية، فضلا عن نشر تقارير صامتة لا تشبه شيء بقدر ما تشبه نوعاً من عروض الألعاب الساخرة على شاشة ما يعرف باسم تليفزيون الحقيقة. وجاءت أحدث جولة في تسجيل الحرب يوم الخميس الماضي عندما أكدت فوكس أنها جذبت المحللة القانونية جريتا فان سوستيرن بشبكة سي.إن.إن أو بمعنى أدق خطفتها مقابل عقد مغر تبلغ قيمته مليون دولار سنويا وفرصة الظهور في برنامج جماهيري حواري كل ليلة، كانت فان سوستيرن من أبرز الكوادر في نجوم ال سي.إن.إن. والذين أسست إدارة الشبكة خدماتها على مدار الساعة على أكتافهم معتمدة في ذلك على جاذبية الشخصيات من مقدمي البرامج لديها وعلى فحوى تقاريرها الإخبارية في الوقت ذاته. وتظهر الشخصيات البارزة في معركة التنافس على الهيمنة الإعلامية لأحداث الحرب في أفغانستان في الولاياتالمتحدة أن فوكس أسرع في التغطية من ال سي.إن.إن التي اعتمدت على شهرتها التي حققتها باعتبارها الشبكة الإخبارية الأولى في العالم إبان حرب الخليج الثانية. وحتى النجوم السوبر من مقدمي البرامج بشبكة سي.إن.إن من أمثال لاري كنج يتعرضون لضغوط.. فملك البرامج الحوارية الإخبارية يمنى بصورة منتظمة بالهزيمة أمام غريمه اللدود بقناة فوكس بيل أوريلي، وهو صاحب شخصية طاغية محافظة أصبحت اتجاهات إبهامه على المنضدة مرادفة للاتجاه اليميني المتشدد الذي تمثله فوكس. ويزعم عشاق البرامج الإخبارية التي تقدمها فوكس بأن ثمة حاجة إلى تبني موقف محافظ لإقامة نوع من التوازن للاتجاهات اليسارية التي تتبناها سي.إن.إن وغيرها من الهيئات والمنظمات الإعلامية البارزة. وتنفي الشبكتان فوكس وسي.إن.إن أن لأي منهما ميول سياسية، غير أن أحد الجوانب المثيرة للاهتمام والآسرة للألباب والقلوب في تحركاتهما الأخيرة هو استقطاب الشخصيات البارزة بالمال والتي تبدو في الأساس في خلاف مع كل اتجاه أو نزاعات سياسية مغايرة في أي من الشبكتين التليفزيونيتين الإخباريتين الأمريكيتين. ومن أكثر عمليات الاستقطاب المثيرة للفضول هي تلك التي قام بها المقدم الشهير للأخبار في شبكة فوكس روجر آليس عندما نجح في جذب جيرالد ريفيرا ضيف أحدالبرامج الحوارية المثيرة للجدل للعمل في فوكس كمراسل حربي للشبكة في أفغانستان، وتردد أن القرار أثار موجة من الاحتجاجات من جانب مشاهدي شبكة فوكس، ويشعر هؤلاء المشاهدون بالدهشة ليس بسبب أهلية ريفيرا المشكوك فيها كمراسل حربي في حرب معقدة في آسيا الوسطى، ولكن لأن ريفيرا كان قد دافع إبان الفضيحة الجنسية للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عن الرئيس وبذلك أصبح ريفيرا الشعلة التي تقود غضب اليمين المتشدد، وبمجرد ظهوره على شاشات التليفزيون، أصبح واضحا أن ريفيرا لم يظهر بالصورة التي كان من المفروض أن يظهر بها كمراسل حربي كفء لشبكة فوكس نيوز في أفغانستان. أولا: ظهر فخورا لحمله مسدساً، وهو أمر ندد به غيره من المراسلين الصحفيين باعتباره عملا يهدد وضعهم غير القتالي بالخطر، ثم تظاهر بأنه يقدم تقارير مباشرة عن إحدى عمليات القصف التي تقوم بها القوات الأمريكية، لكن تبين بعد ذلك أنه كان يذيع التقرير بينما هو على بعد مئات الكيلو مترات من القصف في ذلك الوقت. وشملت المحاولات التي قامت بها سي.إن.إن لتوسيع نطاق هويتها السياسية استقطاب واحد من أشهر نجوم شبكة فوكس، وهي بولا زان، لتقديم أحد برامجها الصباحية الرئيسية. كما نجحت أيضا في استقطاب المعلق ذي الاتجاهات المحافظة يونان جولدبرج ومثل كثير تقريبا من المنافذ الإعلامية الرئيسية في الولاياتالمتحدة، كان جديرا بالملاحظة عدم إقدام فوكس على انتقاد الإدارة الجمهورية وأسلوب إدارتها لجهود الحرب ضد الإرهاب. من جهة أخرى، أوفدت فوكس فان سيستيرن وريفيرا كمراسلين لها بالخارج فيما يصفه محللون إعلاميون بالاستراتيجية العريضة لجذب مزيد من المشاهدين وزيادة عائداتها من الإعلانات. يقول روجر آليس مدير شبكة فوكس والشهير بإدارته الصارمة لها «أصبح لدي الآن قدر من أصحاب الاتجاهات الليبرالية يماثلهم عدد مساو من ذوي الاتجاهات المحافظة». ويضيف آليس الذي يعترف بأنه ضم فان سيستيرن وريفيرا إلى طاقم العاملين في فوكس يساعد على زيادة جاذبية الشبكة ويقول أيضا «أكرس نفسي تماما لها، هدفي هو الفوز». كما انتقد آليس بحدة محاولات سي.إن.إن الرامية إلى تصوير نفسها على اعتبار أنها زعيم السوق الذي يحظى بعدد أكبر من المشاهدين من ذوي الفائدة الكبيرة للجهات التي تقوم بأي إعلانات في الشبكة. ويقول «ليس الأمر محبطا بالفعل نظرا لأن ذلك ينطوي ضمنيا على بعض الأمل، إنه لأمر مثير للشفقة أكثر مما هو مثير لليأس»، لكن في حرب الكلمات الدائرة رحاها بين القناتين الإخباريتين، لم تعد سي.إن.إن تلتزم الصمت، فعندما تم إبلاغه بملاحظات آليس، قال جيمي كيلنر المدير التنفيذي لشركة أمريكان أون لاين تايم وارنر، والذي يشرف على إدارة شبكة سي.إن.إن أن شبكة فوكس ليس أمامها أي فرصة لتحقيق التفوق الإعلامي علينا، وفي معرض رده على ما إذا كان ذلك من شأنه إذكاء نار المنافسة بين الشبكتين، أضاف كيلنر أن آليس «ربما يعتقد أيضا أنه أكثر وسامة من توم كروز.