طرحتُ على المنصّة الرقميّة الاجتماعية «الواتس أب» سؤالاً في إحدى المجموعات.. - سأخبركم فيما بعد أيها القرّاء الأعزّاء لماذا طرحتُ السؤال أصلاً - غالبًا تعجز في كتابة حرفٍ واحد فضلاً عن كلمة لتعبير عن ما في داخلك من شعور... ما الحل والطريقة لاجتثاث هذا الذي تحسّ به، وتريد أن تظهره كتابة؟ قال الزميل يحيى اليابس: السؤال بحد ذاته أجمل تعبير.. وأردف الكاتب محمد جبران: هذي تسمى «حبسة» الكاتب.. ثم أنه أحيانًا تضيق العبارة عن وصف المشاعر. وكتب الإعلامي محمد البيضاني: ليس كل ما يخالج القلب من شعور يُقال! فكم من كلمة أودت بصحابها إلى الهلاك، وكم من كلمة رفعت بقائلها أعلى منزلة. وكتب الدكتور ساري بن محمد واختصرت منها: لم تخلق اللغة إلا للتعبير، فإذا عجزت اللغة، وهذا محال؛ فإن المشكل يعود إلى الكاتب لا إلى اللغة؛ ففي اللغة، أي لغة «ملء فراغ» كما تقول نظرية الاتصال الأدبي، وهذا دور القارئ لا دور الكاتب.... فمن عجز عن البوح بما يختلجه، فهو عاجز عن الكتابة.... وأخيرًا أجابني الدكتور عبد الله غريب بسؤال: لماذا حين نفرح نستطيع الكتابة, وفي حالة الحزن تتشابك الكلمات في رؤوسنا ولا نستطيع التعبير عمّا بداخلنا, في حالة الحزن حتى عندما يأتيك خبر تبقى غير مستوعب من هول الصدمة، ممكن تبتسم من التعجب، ممكن تتصرف بلا تفكير وبعدما تهدأ تتغير حالتك, فما بالك بالجلوس للكتابة أو لبناء قصيدة رثاء تتعطل عندك لغة الكلام وممكن تتوقف لوقت آخر لأنك مستحضر اللحظة في كل حرف؟ والآن بعد هذا النثر من الإجابات أيها المبدعون القرّاء ممّا دعاني لكتابة هذا السؤال هي مفردة ( الفقد, الحُزْن, الرحيل..) هذه المصطلحات تدور في رأسي وحضراتكم الآن مثل الرحى, فالشاعرُ يعبّر بوزنه وقافيته والقاص بنصوصه, أما الكاتب فإنه يُقدّم «أصبعًا» ويؤخر أخرى ليعبّر عن الرحيل والفقد ... بالكتابة. فرحيل الأقارب, الأصدقاء.... مؤلم جدًا تشعر بأن الكلمات في رأسك مثل حرب داحس والغبراء أو حرب البسوس, والمعضلة لا تعرف نتيجة هذه الحرب! أنا مثلكم ليس لديّ الإجابة! حين توفيت زوجتي -رحمها الله رحمة واسعة وجميع موتى المسلمين- قبل ثلاثة أشهر وعشرة أيام، تماسكت من أجل أولادي لأكون قويًا بينهم، ولكن هم الآن أفضل حالٍ مني والحمد لله، وأشعر بمرارة الرحيل, وحزن الفراق, ولوعة الفقد تجددتْ حين رحل الصديق عميد الإعلاميين بالباحة عبد الخالق الغامدي -رحمه الله- هزمه قلبه فسافر من حياتي ولم ولن يعود وكأن موعد موت زوجتي الآن وقع: حرفي يحكي قصة صدقٍ بطلها دمعي حين ينساب على ورق المبتدأ أيها الباسم تمهّل ما زلت منارةً وفنارا في سفينة الحبّ نحن عطشى يا سيدي فالبحر بحرك والنهايات لم ترَونا أيها الباسم تمهّل عيناي غّرْقى بالوجع وكأن صاحبتي تودعني تعالي يا ملاكي الطاهر سامريني الوداع وشاح ألمنا قد بدأ ** **