- اختلفت وتيرة أيامنا، وانقلبت رأساً على عقب. لم تكن في حسبان الزمن، ولا حتى بوصلته. سبحان من غيّر الحال إلى حال مغايرٍ تماماً بعد أن كانت أيامنا البسيطة والعادية - من وجهة نظر البعض - تمر مروراً روتينياً قاتلاً، لا يشوبه تغيير سوى ساعات النوم والاستيقاظ.. - أصبحنا مع هذه الأزمة والجائحة الكورونية، غير المتوقعة ولو في أحلامنا، نسير عكس التيار تماماً؛ لا الصباح صباحات الأمس النشيطة المشرقة للطلاب والموظفين، ولا الليل ليل الاستكنان والنوم الطويل.. كل شيء حولنا أصبح بالمقلوب، ودائرة الكون تعبر نشاطاً جوياً عاتياً، يضج بالمقاومة لكل هذه التغيرات؛ فأصبح البعض يخالفها ولا يصدقها، والبعض الآخر جعل منها مسرحية هزلية غير مدرك عواقبها، والبعض الآخر يقف في المنتصف عالقاً بين مدٍ وجزرٍ، وكأنه استسلم لهذه الظروف الاستثنائية، ولم يحرك ساكناً تاركاً أمواج الزمن تبحر به في جميع الاتجاهات. - ما نمرّ به مع أبنائنا من خلال المنصات التعليمية أشبه بالمشتتات من خلال تركيزهم إلكترونياً لكل ما يدور حولهم من جلبة عائلية، ومشاركات الطلاب المتقطعة لسوء اتصال الانترنت عند الأغلبية. هنا نجد الوقت مهدراً ما بين التركيز والفهم، وما بين ركل الشجارات من حولهم، وبين إثبات الوجود بمشاركات ركيكة بعيدة عن صلب الموضوع؛ المهم أن يتم تدوين اسمي في سجل الحضور، ومن بعدها أعود مسرعاً للسرير.. - لتصرخ المنصة بمن فيها من أساتذة وطلاب من كثرة البلبلة والاستهجان بها.. يدخلونها وهم في قرارة أنفسهم في وضعية اللعب والسخرية.. - نحن شعب غير متحضر إلا للأشياء التي نريدها، كالألعاب الإلكترونية، ومواقع التواصل التي تعج بالمثالية، وكأن الكل مميز ومبدع إلكترونياً، بينما الواقع مُبكٍ ومضحك في آن واحد، وتسوده السلبية المطلقة.. - لم نتعود على مثل هذه الأمور من قبل، والتحضير لها. لو كانت المواد من قبل هذه الأزمة مقسمة ما بين الحضور للصرح التعليمي وبين التعليم الإلكتروني لكانت الأمور أسهل بكثير مما نحن عليه الآن. نحتاج لوقت لنعتاد ثم لنصدق ما يحدث، ثم للتعايش مع الحدث.. فقد أصبح التعليم منهكاً وشائكاً على كل أطراف المجتمع بدءاً من الأهل، وللقطاعات الحكومية والخاصة كافة.. - فإن لم نستشعر جمال ماضينا الدراسي في هذه الأيام الصعبة فلن يكون بمقدورنا العودة بروحٍ حماسية بعد هذه الأزمة الكورونية.. - أتمنى أن تزول الغمة، وتعود الدراسة من منابرها المعتادة، وتعود الحياة لوتيرتها وخط سيرها المعتاد الجميل السلس، والأخذ بهذه الشهور والأيام بالاعتبار والتعلم منها للمضي قُدماً نحو التعليم الأفضل والحياة الأسهل..!! ** **