في نفس هذا التوقيت من العام الفائت 2019 تلقيت اتصالاً هاتفياً من وزارة الإعلام بترشيحي المبدئي للفوز بالجائزة وأن هذا الترشيح لا يعني بالضرورة الفوز وإنما هو الاقتراب أكثر من اللقب، وما هي إلا أيام حتى حان موعد الحفل وتم الإعلان عن الفائزين بالجائزة بحضور حشد إعلامي كبير، كان يوماً مميزاً بكل تفاصيله عدت إلى البيت وأنا أحمل الجائزة وأتذكر كيف سار الأمر بتدرج غريب. كانت المسابقة مجرد رسالة انتشرت في مجموعات المحادثات وتكرر إرسالها لأكثر من مرة وكأنها تعطيني إشارة لخوض هذه التجربة، وبالفعل بدأت في كتابة المقال الذي أخذ تقريباً يومين من الصياغة متجاهلة تماماً خيبتي السابقة بعدم الفوز بمسابقة (مسك القيم) التي لم يحالفني الحظ بها، كنت أكتب وأشطب وألغي فقرة وأضيف أخرى حتى اكتمل نص المقال وتم نشره بالصحف مسبقاً كشرط من شروط الدخول للمسابقة. وقتها اتصل علي إعلامي كبير عمراً صغير عقلاً ليخبرني عن رأيه الشخصي بأن المقال لن يصل للمنافسة بحسب رأيه، واستهجنت منه هذا التصرّف غير اللائق، إذ كان من الممكن أن يحتفظ برأيه لنفسه دون أن يمرّر لي الشعور بالإحباط قبل حتى الدخول للمنافسة. وما هي إلا أيام حتى أُقيم حفل ضخم في أحد فنادق الرياض بحضور حشد إعلامي كبير لأبرز الأسماء في الساحة الإعلامية وتم الإعلان عن اسمي بالحصول على جائزة التميز الإعلامي في مسار المقال الصحفي عن أفضل مقال كُتب باليوم الوطني. تجربة الفوز بالنسبة لي لم تكن مجرد إضافة لنجاحات على الصعيد الشخصي وإنما هي أيضاً إضافة لرصيد خبرتي بالحياة، تعلّمت أن فشلك في أمر لا يعني أن لا تكرر المحاولة مرة أخرى وأن كل الناجحين الذي وصلوا من المؤكد أنها لم تكن التجربة الأولى لهم وإنما مروا بتجارب فاشلة كثيرة، تعلّمت أن لا تتكلم عن أحلامك أمام أحد وإنما اعمل بصمت ودع الناس تتفاجأ بإنجازاتك وهذا أجمل ما حدث بعد الفوز، حيث تلقيت اتصالات تهنئة كثيرة تحمل نبرة صوتهم فرحة وتقدير لهذا الإنجاز الذي تم بصمت ودون إعلان مسبق ولا استجداء (بتابعوني أو صوتوا لي)، حيث تركت عملي يتكلم نيابة عني، تعلّمت أنك عندما تخوض معركة مع الحياة لا تعتقد أن الجميع سيحب لك الخير والنجاح وأنك ستجد من يسندك وأن الجميع سيقف ليشجعك ويشد من أزرك وكأنك لاعب كرة قدم يركض في ملعب كبير وحوله جمهور غفير يصفق ويصوّت له ليشجعه على إحراز أهدافه، وإنما على العكس ربما تجد من يحبطك ويقلِّل من قدرك، فلا تلتفت لهؤلاء الناس واستمر برحلتك، فالناس لا يهمها رحلة الكفاح ولن تلتفت إليك إلا بعد الوصول، فلا تتوقّع أن أحداً سيعرف قيمتك وقدرك أكثر من نفسك، فأنت من يحدد ما تستحق وما يليق بك.