الموت حق وهو سنة الله سبحانه في الحياة، كما قال جل وعلا مخاطباً أكرم خلقه وخاتم رسله {إنك ميت وإنهم ميتون} ولذلك قضى الله سبحانه وتعالى بالموت على جميع خلقه.. صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، ذكرهم وأنثاهم، فالموت لا مفر منه ولا محيص عنه، فالخالق جل شأنه قد ساوى بين البرّية في ورود حوض المنية، والموت مشروع لابد مورود وكلنا إن طال المدى مفقود..!! * قبل عدة أسابيع رحلت أمي الغالية (نورة بنت حمد الحوشان )عن هذه الدنيا الفانية فكان رحيلها خبراً مؤلماً هز وجداني وأثار أحزاني مع إيماني التام أن الموت حق وأمر لا مناص منه كيف.. لا؟! وهي التي كانت باباً للحنان والأمان.. ونافذة للبهجة والسرور، وممراً آمناً للسكينة والاطمئنان.. كانت -رحمها الله- القلب الحنون المفعم بالعطاء والمحبة والإيثار والنبل والصدق مع الله في الأقوال والأفعال والأعمال الصالحة؛ فما أقسى لحظات الوداع وما أصعب ساعات الفراق كيف والمفارق امرأة صالحة عابدة.. زاهدة بحجم ومكانة (أمي) الغالية فموت الأم يعني خسارة أعظم قلب يُحبك بلا ضير. لقد كانت فقيدتنا الغالية - غفر الله لها - حريصة على تربية أبنائها التربية الاجتماعية السليمة وتنشئتهم التنشئة الدينية الفضيلة ولا غرابة من ذلك فقد كانت حريصة على تطبيق السنة في جميع أمورها مستثمرة وقتها في رحاب الطاعات وغنائم العبادات إنها حياة يطول الحديث عنها، حياة إيمانية صادقة كانت تحث أبناءها على المحافظة على أوقات الصلاة وفعل الخير وبذل الإحسان وعلى التسامح وصلة الأرحام والابتعاد عن أعراض الناس وغيبتهم والتنازل عن الحق والتغافل عن الزلات من أجل تربية النفوس على سلامة القلب وما أعظم نقاء السريرة ونظافة الصدور، ولا عجب من ذلك فقد كانت أمي الغالية بقلبها الكبير.. النقي.. والتقي يتسع للجميع حباً ومودة.. قلب لا يعرف الكراهية والضغينة والأحقاد والحسد، بل كانت -رحمها الله- ذات قلب سليم منصرف للخير والعمل الصالح وحب العبادات وملازمة الطاعات يقول تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}..كما كانت حريصة على المحافظة على الأذكار والاستغفار والإكثار على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتحرصنا جميعاً على ذلك وعدم الغفلة عن هذه التجارة الرابحة مع الله سبحانه وتعالى في الأقوال والأعمال. حتى في آخر أيامها وهي على سرير المرض. توصي أبناءها على التمسك بحبل الله المتين.. حبل الطاعات والعبادات، والله المستعان. فاللهم اغفر (لأمي) تحت الأرض ويوم العرض، وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة واجعل ما أصابها كفارة وتمحيصاً للخطايا ورفعة في الدرجات العلى. والحمد الله على قضائه وقدره. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **