القوة الناعمة (soft power) هي مفهوم صاغه (جوزيف ناي) من جامعة هارفارد، ويعني القدرة على الإقناع والجذب والتأثير دون الحاجة لاستخدام القوة. لقد سعت الدول في العصر الحديث لاستخدام هذه القوة لنشر ثقافتها، وتحسين صورتها لدى العالم، باستخدام وسائل وعناصر متعددة، كاستخدام الخطاب الإعلامي المتمثل في صناعة إعلام قوي، وكذلك الاقتصاد والثقافة، وغيرها من الوسائل التي تحرص الدول على استثمارها من أجل تحقيق مكاسب، ورسم صورة ذهنية لدى العالم بما يخدم ويحقق مصالح تلك الدول. في السعودية لدينا الكثير من الفرص الكبيرة في استثمار عناصر (القوة الناعمة) التي نمتلكها، التي قامت بالفعل حكومتنا الرشيدة بالعمل على توظيفها بهدف رسم صورة حقيقية لمجتمعنا السعودي، وبثها للعالم لتعبّر عن قيم وحضارة هذه الأمة العظيمة. إن الصورة المشرفة في خدمة زوار بيت الله الحرام، خاصة في موسم الحج، وكذلك إقامة المهرجانات التراثية والمؤتمرات الثقافية والأدبية والعلمية، من أهم العناصر التي استخدمتها المملكة (كقوة ناعمة).. وما زالت الحكومة تعمل على استثمار قدراتها في مجالات عدة. في الوقت الحالي أصبحت الرياضة من أهم عناصر (القوة الناعمة). ونحن نرى أن بعض الدول استثمرت رياضة كرة القدم على وجه الخصوص في تحسين صورتها لدى العالم كالبرازيل - على سبيل المثال - التي أصبحت شهرة كرتها ونجومها تتجاوز شهرة أهم منتجاتها (البن البرازيلي الفاخر). كما أن الأرجنتين بفضل نجومها الكبار، أمثال مارادونا وميسي ومنتخبها الوطني، عملت على توظيف هذا التألق في كرة القدم واستثماره (كقوة ناعمة)، جعلت من هذه الدولة اللاتينية ذات مكانة وشهرة بين شعوب العالم. ولاحظنا أن دولاً باتت تمتلك أندية عالمية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أجل استثمارها (كقوة ناعمة). في السعودية لم تغفل الحكومة عن هذا الجانب؛ إذ قامت وزارة الرياضة، وكذلك الهيئة العامة للترفيه، باستقطاب الكثير من الفعاليات الرياضية التي تندرج ضمن هذا السياق. على صعيد الأندية نلحظ ما يتمتع به نادي الهلال من جماهيرية طاغية، ومعدل متابعة كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أظهرت إحصائية (يوتيوب) الأخيرة أن عدد المشاهدات لقناة النادي قد تجاوز 265 مليونًا منذ إطلاقها في أغسطس 2010م، وملايين المتابعين عبر مواقع السوشال ميديا، الذين تجاوزوا متابعي أندية عالمية كبيرة. وعندما نعود بالذاكرة لما أحدثه الهلال من اهتمام كبير على مستوى القارة والعالم بعد تحقيقه دوري الأبطال في 24 نوفمبر الماضي يجعلنا ذلك أمام تحدٍّ كبير في استثمار هذه الشهرة الكبيرة لهذا النادي العريق من أجل سمعة الوطن، وتوظيف هذه المكانة (كقوة ناعمة)، وصورة زاهية، تمثل ثقافة وحضارة المملكة العربية السعودية. نقطة آخر السطر خسر الهلال لقاء الكلاسيكو أمام الأهلي في مباراة لم يقدم فيها اللاعبون المردود الكافي لتحقيق الفوز!! نجوم الأزرق قادرون على حسم الدوري في الجولتين القادمتين، اللتين ستُلعبان في محيط الرعب بالرياض. جماهير الزعيم تنتظر تحقيق الدوري، وتسجيل موسم استثنائي (بمعنى الكلمة)، وتحقيق ثنائية دوري الأبطال مع الدوري المحلي. فالهلال هو (الاستثناء الوحيد) في الكرة السعودية بتاريخه وبطولاته وإنجازاته.