جوزيف ناي مساعد وزير الدفاع الأمريكي في عهد الرئيس بل كلينتون في عام 1990م ابتكر مصطلح جديد يسمى «القوة الناعمة». هذه القوة تعتبر سلاحاً فعالاً مؤثراً، وتضاهي القوة الخشنة «العسكرية». «القوة الناعمة» أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق بدعمها للرياضة والفن والثقافة. وتُعتبر «القوة الناعمة» من أفضل الأسلحة السياسية لتمنحك السيطرة على الآخرين، وتقودهم ليتضامنوا معك واتباعك والإعجاب بفكرك. في الوسط الرياضي بالسعودية هذه الأيام لا حديث يعلو على عقد رعاية الخطوط القطرية لنادي الأهلي. صفقة تاريخية ب 72 مليوناً سنوياً مع مميزات أخرى. الكثير يعتقدون أن اختيار الأهلي بسبب شعبيته، لكن من يقرأ المشهد من زاوية أخرى، ومن يتأمله بعيون «القطريين» أنفسهم، سيرى صورة أخرى تختلف كثيراً عما نعتقده؟؟؟ صحيفة Journal du dimanche الفرنسية بتاريخ 15 فبراير 2004م كتبت تصريحاً لرئيس قسم العلاقات المحلية في اللجنة الأولمبية القطرية فهد عبد الله الملا، نصه: «الرياضة هي الوسيلة الأسرع لنقل رسالة ما، وضمان ترقية بلد ما. فعندما يقال لكم: الشرق الأوسط تفكرون آليًا في الإرهاب، أليس كذلك؟! إن قادتنا يريدون أن تكون لقطر سمعة جيدة»!! السياسي الأمريكي جوزيف ناي يؤكد في كتابه « Soft power» أن بعض الدول الصغيرة، ومنها «قطر»، أصبحت ذات تأثير كبير في خارطة العالم بسبب «قوتها الناعمة». «قطر للاستثمارات الرياضية» هو صندوق استثمار له أهداف سياسية واقتصادية، أُسس لتمويل استثمارات قطر الرياضية في العالم أجمع. واليوم هذا الصندوق يصافح الرياضة السعودية، لماذا؟؟!! باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بفرنسا نشر تقريراً في 1 أكتوبر 2013م حول «الدبلوماسية الرياضية لدولة قطر والقوة الناعمة». في هذا التقرير كتب: «السياسة الرياضية القطرية تسيّرها أعلى سلطة في الدولة؛ إذ تتولى الإدارة اليومية للرياضة، وتحدد توجهاتها العريضة. ويقترن إطلاق وتفعيل هذه الأداة (الدبلوماسية الرياضية للدولة) مع توجه تحديث البلاد ونهج السياسة الخارجية».. لا يخفى على أحد أن التوتر السياسي بين السعودية وقطر هناك مؤشرات بانفراج الأزمة فيه قريباً. لا أستبعد أن مؤسس «قطر للاستثمارات الرياضية» أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مهندس السياسة القطرية الرياضية هو صاحب فكرة رعاية أحد الأندية السعودية ك»قوة ناعمة»، تعيد المياه لمجاريها بين البلدين. ما تفسده السياسة تصلحه الرياضة. لا يبقى إلا أن أقول: القطريون يدركون أن رعايتهم للنادي الأهلي بهذا المبلغ الكبير لن يحقق لهم أي عوائد مادية. هم لا يريدون الربح المادي. هناك أشياء أخرى يطمحون لها، ويفكرون فيها. وسيبقى «الأهلي» في يد «قطر» طيلة ثلاث سنوات سلاحاً فعالاً ب»القوة الناعمة»؛ ** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميل بروحك. وشكراً لك.