يتزايد تفاؤلي يومًا بعد يوم بأن علاج ظاهرة التستر في وطني يأخذ مجراه الصحيح، وفي الوقت المناسب. هذه الظاهرة التي أرهقت اقتصادنا الوطني من خلال التحويلات الكبيرة التي يقوم بها عدد كبير من الوافدين، وبأرقام كبيرة، تؤكد أن مصدر دخلهم ليس الراتب فقط، بل ممارستهم الأعمال التجارية بطرق غير نظامية لحسابهم الخاص، وبتسهيل ودعم من مواطنين (يتسترون عليهم). ولعل البداية لعلاج مشكلة التستر انطلقت قبل أعوام مع حملات التصحيح لأوضاع العمالة الوافدة التي أكدت وجود عمالة وافدة كبيرة تمارس مهنة التستر بدعم كبير من بعض أبناء الوطن. كما أن الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التجارة والصناعة من خلال كشفها بشكل مستمر عن مخالفات تجارية وغش تجاري، يمارسه وافدون، هي كذلك إحدى طرق علاج تلك الظاهرة. الجهود الكبيرة المبذولة من خلال القائمين على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري واضحة ومشكورة. البرنامج أُطلق في حينه لغرض معالجة التستر في القطاعات كافة، وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الإلكترونية، واستخدام الحلول التقنية، وتنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال، وتعزيز النمو في القطاع الخاص، وتوليد وظائف جاذبة للسعوديين، وتشجيعهم على الاستثمار، وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص. وأتى توجيه المقام السامي الأسبوع الماضي بإنشاء لجنة وزارية، تتولى الإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، وتقترح الحلول والمبادرات التي من شأنها مكافحة ظاهرة التستر والقضاء عليه، ليؤكد اهتمام القيادة من أعلى سلطة بالقضاء عليه. وقيام الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي بمهمة بناء مؤشر لقياس نسبة حالات اشتباه التستر التجاري، وتحديثه بشكل دوري وفقًا لما يردها من بيانات من الجهات المعنية، أمر مهم للغاية، ويسهل من عمل الجهات الحكومية الأخرى لكشف حالات التستر. وطني يحتاج الآن بشكل جدي من بعض أبنائه إلى وعي وحس عال بخطر التستر، وأن يدركوا أن مساعدتهم للمتسترين تخالف الدين، وتضر بالوطن وأبناء الوطن. (فالمتستَّر عليه) لا يهمه نوع العمل الذي يقوم به طالما أنه يحقق دخلاً ومكاسب مادية كبيرة دون الاهتمام بمصلحة المواطن أو الوطن. فالقضاء على التستر يتطلب تضافر جهود كبيرة من قِبل المواطنين وأصحاب العمل والجهات الحكومية ذات العلاقة؛ فالمواطن الذي يتستر على آخرين هو الحل الأول؛ فمتى توقف عن ذلك فسوف تنتهي المشكلة تمامًا. كما بدأت، فأنا متفائل بأنه بتعاون الجميع سوف نلحظ الفرق - إن شاء الله - قريبًا، وسوف تُنظَّف بلادي من عمالة وافدة، قدمت بغرض جني الثمار من مواطنين متخاذلين.