المكان، والزمان، والحال كلها تُحَدِّد لنا إطارَ القولِ، والمقال، والأحوالُ قد تكون اجتماعية، أو اقتصادية، أو عملية، وربما علمية، وغيرها من أحوال البشر الإنسانية التي تجتمع كلها مصورة حالته الثقافية تلك الثقافة التي أراها وأُعَرِّفُها بأنها التَّمكُّن والبراعة في فنٍ، أو أدبٍ، أو علمٍ ضمن معارفَ، ومهاراتٍ، ومكتسباتٍ بيئيةٍ، ومجتمعيةٍ، ودينيةٍ، وعقائديةٍ، وفلسفيةٍ مكونة لديه ثقافة خاصة مادية ملموسة، أو غير مادية محسوسة، وقد تكون خليطاً منهما معاً، فنجد أشخاصاً متعددي الثقافات، ويملكون أرقى أنواعها في معظم المجالات. كل مجتمع له ثقافته، وكل أمة لها حضارتها تبقى الحضارة أو تندثر، تُنسى أو يذكرها التاريخ في كل سطرٍ، بينما ثقافة الأفراد، والمجتمعات تتغير، وتتبدل بتغير وتنوع المصادر التي يتعامل معها الإنسان، ومن أهم أنواع الثقافة هنا هي ثقافة التغيير للأفضل، والاستمتاع بالحياة بشكل أجمل، فنمحو مبدأ ونضيف آخر، ونتشبثُ بقِيمٍ نبعها عاطر. الثقافة ليست في الشهادات العالية، ولا في امتلاك الأموال الطائلة، وإنما في الفِكْرِ المُستنير، والعقل المُنير، الثقافة في الاستماع للآخر والمعايشة معه طالما أنه يحترمني وطناً ومواطناً، ويقدرني إنساناً كائناً. الثقافة هويتك التي تُقرأ في حرفك، وتُسمع في نبرة صوتك، وتُنسب لك في فعلك، وتُكسب منك في عملك؛ لذا وَضعت الدول لها وزارة وخصصت البلدان لها هيئات ومكانة، بها ترتقي الأمم وبدونها تبقى مُجرد اسم، هي للطفل منهج ينطلق منه نحو أهدافه، وللكبير مسار يحقق بعبوره غاياته، فنعلمها تلاميذنا دينا، وأدبا، ومسرحاً وموسيقىً فهي لا تتجزأ عن الحاضر ولا تُفصل، ولا تُلغى عن الماضي ولا تُهمل، فثقافتنا هويتنا، ورقي مجتمعنا. ** **