قامت الحضارة الغربية على علوم المسلمين العرب، وكانت لهم مساهمات متعددة أثرت على مجالات مختلفة كالفن والطب والصيدلة والهندسة والموسيقى واللغة والزراعة وغيرها من العلوم والفنون الأخرى. حيث نقل الأوربيون في بداية عصر النهضة كل ما وقع تحت أيديهم من العلوم والمعارف العربية والإسلامية إلى لغاتهم. وكانت الأندلس وصقلية مصدر إشعاع حضاري حيث يفد إليها الأوربيون لتلقي العلم على أيدي العلماء العرب في ذلك الوقت. أما اليوم فتغير الحال وأصبح الأدباء العرب يقتبسون إنتاجهم الفكري والأدبي والفني من الغرب ناسين أو متناسين إرث أجدادهم الذي ضيعوه في الوقت الذي هم أولى أن يهتموا به لحفظ ذلك الإرث. وفي هذه القضية طرحنا هذا التساؤل على عدد من المثقفين الذين تحدثوا عن رأيهم حول ذلك. «التواصل والانفتاح» أوضح الكاتب نجيب عصام يماني قائلاً: غالبًا ما أنظر إلى قضايا الفكر والثقافة والآداب والفنون بمنظور يتجاوز التقسيمات الإثنية، إلى منظور إنساني شامل، وعلى هذا لا يتأسس في روعي وخاطري عملية التأثير والتأثر على قاعدة الأفضلية والسبق، بقدر ما تقوم على قواعد التواصل والانفتاح تحقيقًا للغاية الأسمى من خلق الإنسان نفسه «وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا»، ولا شك أن الثقافة والأدب من مشمولات التعارف، هذا إن لم يكونا في ذروته وسنامه، وعلى هذا المبدأ فإني لا أسعى إلى تقليب الماضي في دفاتر العرب والمسلمين بحثًا عن سبق لهم في مجالات العلوم والآداب والفنون على أمم الأرض الأخرى ليكون ذلك مصدر فخرا لي ومنافحة في ساحة «الافتراس والصدام الحضاري»؛ بل أرى في هذا الصنيع «عجزًا» مستترًا عن الإضافة والإفادة، بأكثر من كونه دالة تفوق، ومحل افتخار، وعلى أي حال إذا أردنا أن نطوي الحقب طيًّا، ونجعل المقاربة والمقارنة محصورة من بعد الرسالة المحمدية الخاتمة، على ما في هذا المسلك في مزالق عديدة، فالراجح عندي أن الثقافة والمعرفة لدى الإنسان العربي والمسلم قديمًا لم تكن وحدها صاحبة الغلبة والهيمنة على غيرها، ولم تكن آداب الأمم الأخرى عطلاً من الموهبة، وغفلاً من الجمال، بحيث تنتظر ما ينتجه العرب والمسلمون ثم تعمد من ثم إلى «تفحيل» آدابها وعلومها وثقافتها، وإنما كانت عملية التأثير والتأثر بينهما ماضية بشكل أو آخر. وأشار نجيب إلى الأثر الفارسي في الأدب العربي، (كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة نموذجًا)، وكذلك الأثر العربي على الأدب الفارسي في رباعيات الخيام وغيرها، ويمكننا أن نسوق الأمثلة على الأثر المتبادل بين العرب واليونايين والروم والصينيين، وغيرهم من خلق الله أجمعين، وهو تبادل وتأثر لم يقم على قواعد الاستعلاء أو سطوة أدب على آخر. بل إن القرآن العظيم تضمن ألفاظاً غير عربية (الاستبرق مثلاً). ويمكن أن نعزو مظاهر قلة التأثر قديمًا بشكل واسع وكبير إلى ضعف وسائل التواصل بين أمم الأرض في رقعها الجغرافية المتباعدة، بما أخّر عمليات الاستجابة المتبادلة بينها، على خلاف ما نشهده اليوم من انفتاح البوابات والنوافذ والفضاء، بما أتاح فرص التواصل الآني السريع، الأمر الذي يستوجب علينا أن نتعامل مع عملية التبادل المشترك وعمليات التأثير والتأثر بعيدًا عن منطلق الشعوبيات والعصبيات الإثنية، والنظر إليها بمنظور إنساني، يحقق الغاية من التواصل مع الآخر دون إحساس بالفوقية أو الدونية. «الحضارة الإسلامية» وأكد الناقد والكاتب الفلسطيني حسين المناصرة أن الثقافة الإبداعية العربية كانت في أزهى عصورها، خاصة في القرون الثلاثة الأولى من الدولة العباسية، كانت الدول الغربية في ذلك الوقت تعيش في عصور الظلام والتخلف، إذ سيطرت الكنيسة على الحياة عامة، فجعلتها تئن تحت مثلث الجهل والمرض والفقر، وفي هذا الوقت كانت الثقافة العربية مزدهرة علما وفلسفة وأدبا، وبذلك وجدت الحضارة العربية الإسلامية، ثم صارت هذه الحضارة وارثة للثقافات القديمة كلها؛ وهي الثقافة التي حرمتها أوروبا وأميركا على نفسها. ثم جاءت مدة الدول المتتابعة في بلادنا ما بين الزنكيين الأيوبيين والفاطميين والمماليك والعثمانيين، وفي هذه تحولت الثقافة العربية الإسلامية إلى دمار. وقال المناصرة: صارت الحياة أشبه بثكنة عسكرية تقف في وجه الصليبيين والمغول والاستعمار الغربي، يضاف إلى ذلك تفشي الفقر والجهل والمرض والفتن التي جعلت الأمة تعاني الأمرين، وصار الفضل للاستعمار الغربي في حراك ثقافي عربي في النهضة الحديثة التي بدأت في منتصف القرن التاسع عشر مصاحبة للطباعة والصحافة والبعثات واستيراد فنون أدبية جديدة كالرواية والمسرحية والمقالة وغيرها، إضافة لظهور حركات الإصلاح. في هذا الوقت نهض الغرب وصار منتجا اقتصاديا وثقافيا، ومن ثم استولى الاستعمار الغربي على آلاف المخطوطات، ونقل العلوم والمعارف التي لدى العرب وغيرهم، وتأكدت نهضته الإنتاجية وتقدمه العلمي؛ وعشنا صراع التآكل والتبعية وتصدير المواد الخام. نعم، علينا أن نعترف بأن الثقافة الإبداعية الغربية هي النموذج المثالي الحضاري المتطور للثقافة اليوم. وأوضح المناصرة أننا نشبه راقص العتمة في حال المقارنة بيننا وبين الغرب، فهم أصحاب ثقافة إنتاجية واعية ونحن للأسف أصحاب ثقافة التبعية والاستهلاك خاصة في مواجهة أزماتنا، وتحديدا موجات الإرهاب باسم ديننا الحنيف. لا شك في أن النزول إلى قاع الهرم يعني أننا لا نجلد ذواتنا وإنما نفهم ما نحن عليه من أوضاع ثقافية لا تسر الصديق، ولكنها تفرح العدو المصيري، وهو الكيان الصهيوني ومؤخرا الكيان الشعوبي الصفوي الإيراني، على أية حال الأيام دول بين الحضارات والثقافات فإذا كان الغرب اليوم يتربع على قمة الهرم، وقد ورث الحضارة العربية قديمها واستعمر حاضرها، فإننا ندرك جيدا بأن الأجيال العربية القادمة ستخرج من ثوب العنقاء الرمادية المحترقة لتبدأ حياة جديدة تعيد للثقافة والإبداع في بلادنا ما تستحقه من الخير والعطاء في ظروف غير ما كانت عليه في ماضيها القريب أي في زمننا الحالي. «المفتاح السحري» وشارك الدكتور يوسف حسن العارف شاعر وناقد ومؤرخ عضو نادي جدة الأدبي قائلاً: كان الاستشراق هو المفتاح السحري للتثاقف الغربي على التراث العربي والإسلامي عندما كانت ثقافتنا هي المتسيدة والفارضة لأجندتها ورؤيتها، وكان الغرب في حاجة ماسة لتعريب علومنا ونقلها الى ثقافتهم، فتنامت الثقافة الغربية من خلال علمائنا وأدبائنا فكانت أكبر حركة ثقافية تشهدها عصور النهضة الأوربية، وقد استفاد العرب والمسلمون من هذه المظلة الاستشراقية ووجدوا فيها كثيرا من الفتوحات المعرفية التى حققها علماء الغرب وبذلك قدموا خدمة لثقافتنا وأخرجوا مخطوطاتنا وحققوها وعرفوا بعلمائنا وحضارتنا التى كاد أن يطويها النسيان. واستطرد العارف بقوله: أما نحن فقد دخلنا في مرحلة الاستغراب مع بداية انفتاحنا على البعثات التعليمية إلى بلاد الغرب وبدأت حالات التأثر والنقل والذهول بالعقلية الغربية فأصبحنا تلاميذ على مائدة الثقافات الأوربية، ولكي نعود إلى الواجهة الحضارية علينا بتطوير آليات الترجمة وإنشاء مراكز متخصصة مثل مركز الملك عبدالله للترجمة، وإرسال بعثاتنا الثقافية لتحقيق الاستغراب الحقيقي المنتج والإفادة مما لديهم دون فقد الهوية والحضارة والشخصية العروبوية، وبذلك نضيف إلى المشهد الثقافي العالمي مدرسة تنويرية كان لها قصب السبق ذات تاريخ مضى وحان وقت استعادته. «الهوية والخصوصية» بسمة: أصبحنا نقتبس من الموائد الغربية وأبانت الأستاذة بسمة عروس أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة الملك سعود أن قضية الأخذ والتفاعل بين الآداب قضية تاريخية وحتمية ثقافية ناجمة عن حتمية المثاقفة نفسها فليست الثقافة بمنأى عن الثقافة والتأثر والتأثير مهما كانت درجة المحافظة فيها والتشبث بالهوية والخصوصية المحلية وحتى لو كان مفهوم الأدب القومي اختيارا ثقافيا وسياسيا مندرجا داخل مشروع دعم الوحدة القومية. فالقضية من وجهة نظر علمية صرف قضية شبه مغلوطة لأن الآداب والثقافات تتأثر ببعضها بعضا وتهضم موروث بعضها وتتمثله بطرق مختلفة وهو يؤدي إلى إخصاب النصوص وليس في ذلك ما يقدح في الموهبة الفردية للمبدعين ولا في الخصوصية الثقافية والبصمة الخاصة بها فقد قامت الحضارات القديمة على هضم موروث الحضارات السابقة لها تاريخيا حتى لو كانت حضارات مغلوبة أو آفلة والاستفادة من الحمل الإنساني والمعرفي فيه والبناء عليه فالشأن في البناء المعرفي أو الأدبي أن ينشأ من فعل التراكم والاتصال لا القطيعة والانقطاع . والأديب العربي ليس إلا حلقة في سلسلة يتأثر ويؤثر ولاشك أن الأدب العربي زود الأدب العالمي بنماذج ملهمة ونصوص عظيمة مثل ألف ليلة وليلة ولاشك أيضا أنه استفاد من نصوص كثيرة أتيحت له بالترجمة او بالاطلاع المباشر وكان أثرها واضحا في توجيهه إلى موضوعات جديدة وأساليب جديدة وأنواع أدبية جديدة. وتساءلت بسمة قائلة: متى يكون الأدب والثقافة التي ينتمي اليها مصدرين للمحاور الأدبية والأشكال والأساليب ومتى يكونان مستقبلين لرياحها أو هباتها القادمة من آداب وثقافات غيره؟ هذا سؤال لا يمكن الإجابة عنه على وجه التدقيق ولا يمكن عد الثقافة المستقبلة هشة البنى ضعيفة الهوية أو عد الثقافة المصدرة قوية الإشعاع ومتينة البنى. والكاتب العربي لاشك انه يحيا داخل سياق تتجاذبه الكثير من العوامل منها بالإضافة إلى السياق الذاتي المتشكل من خصوصية تجربته وخصوصية مساره في الإبداع، السياق العام وهو السياق العالمي والعولمي للكتابة الذي يفرض عليه بالضرورة مراعاة عدة نواميس في ما يكتب وأن ينشد نوعا من النزعة الإنسانية والانفتاح على الآخر. لكن التجارب الفذة في تاريخ الكتابة الأدبية سواء منها ما رشحته الجوائز الادبية العالمية أو ما رشحه إجماع النقاد وجمهور القراء تبقى تجارب مفتوحة على أوساع الثقافة الانسانية بكل أبعادها ووجوهها ولغاتها ونصوصها، ولذلك تكون المفاضلة بين أدب يمتح مصادره الإلهامية أو موضوعاته من أدب آخر أو يتكئ عليه في اقتباس ما يطعم به مواده، وأدب لا يلتفت إلا إلى مواده الأصلية والأصيلة مفاضلة لا معنى لها في ظل المعنى الأصيل للأدب وهو معنى التضايف والتفاعل داخل سياق أوسع هو سياق المثاقفة بوصفها اختياراً إنسانياً وحتمياً لا مهرب منه. «الرواية غربية» وأضاف الأستاذ رفعت ابوعساف نائب رئيس قسم الثقافة والمنوعات في صحيفة البيان في دولة الإمارات العربية المتحدة ياصديقي العزيز ربما لا أتفق معك في ذلك فالرواية حقيقة هي غربية في الأصل لسنا نحن من أبدع وكان الرائد في فن الرواية حقيقة هذا للحق، فن الرواية ولد أساسا واختمر وكان نشاطه الأصل في الغرب وانتعش في الغرب وانتقل إلينا من الغرب ربما كانت هناك تجارب أفادت الغرب مثل "ألف ليلة وليلة" حين ترجمها الفرنسيون استفادوا منها وأفادوا الغرب بشكل عام طعمت الحراك الروائي لديهم وأغنتهم وإلى آخره واقتبسوا منها لكن الحقيقة أن اختمار الرواية كصنف أدبي متفرد ومهم وتحول دورها إلى دور مؤثر في المجتمع كان وليد الغرب ونحن اقتبسنا ذلك من الغرب ،إذن الرواية ليست ابنة مجتمعنا في الأساس نحن مجتمعات ربما نسمي أن الشعر هو ماكان سيد صنوف الإبداع لدينا والشعر ماكان يعتمل في الحراك الإبداعي والأدبي والاجتماعي كان يؤرشف كل حراك مجتمعنا هو ديوان العرب نهاية المطاف ،وأقول الآن بالنسبة للحراك الروائي العربي هكذا أنا أفصل بأن الفكرة من الأساس أن الرواية متفوقة وأساساً من بدأها الغرب ونحن تلقفناها وبدأنا نخوض غمارها مع مطلع القرن العشرين عفوا من بعد مطلع العشرين ربما في العشرينات وفيما بعد كانت هناك ربما بواكير بسيطة، شذرات قبلها لكن عمليا مطلع العشرينات في القرن العشرين إذن الرواية العربية حديثة العهد وهي لاتزال تعتمل في سيرورة التطور والارتقاء المتجدد ،الغرب عريق في مجال الرواية وقد سبقنا ونحن ننهل منه ونتعلم منه في هذا الفن الرواية العربية الآن تشهد نجاحات مهمة جدا لكن دعني أكن أميناً وأقول أن الرواية في الغرب ناجحة. وقال أبوعساف: تشهد الرواية نجاحات متتابعة ومتطورة لأنها أمينة لمجتمعها تنقل الصورة بلا تزييف بلا أية محظورات شائبة بينما نحن في العالم العربي نركض ونلهث، روائيون يلهثون وراء الموضوعات التي تستقطب القارئ وتجذب لهم نسب بيع في المستقبل كالجنس كالقتل الخيانات إلى آخره إذن التقليد صار العملة الرائجة لدى روائيينا التقليد والاحتكام إلى موضوعات محددة بينما الرواية في الغرب هي أمينة وصورة صادقة للمجتمع تعكس قضايا الناس تحكي بقوة وجرأة تسمي الخطأ ترشد إلى الحلول هذا سبب نجاح الرواية الغربية نحتاج في العالم العربي إلى أن تكون الرواية صورة صادقة لمجتمعاتنا العريقة وأن تكون الرواية أمينة ولاتقيدها المحظورات سواء محظورات باسم الدين بإسم المجتمع او بإسم خطوط عريضة محددة أنا لا أدعو بأن تكون الرواية داعية للفسق لا، ما اقصده ان تكون الرواية تحترم الخطوط العريضة وتحترم عاداتنا وتقاليدنا ولكن أن لاتؤطرها اعتبارات خفيفة ولاداعي لها وممجوجة كبعض الآراء الفقهية التي هي غير صحيحة أو بعض الآراء الاجتماعية المتشنجة أو إلى آخره هذا برأيي الحل بإتجاه رواية عربية ناجحة وهذا التشخيص الذي أراه. «فنون الأدب» وقالت الأستاذة اعتدال ذكر الله شاعرة وإعلامية: من الطبيعي أن علاقة الآداب عالميا بعضها ببعض تظل علاقة ديناميكية ذات أثر وتأثير، وشراكة تفاعلية تمازجية تناغمية تتصل بأبعاد ودلالات فنونها الكتابية والخطابية الإنتاجية المبدعة فلكل أدب سماته الفنية الخاصة فيه والتي من شأنها أن تتداخل وفنون الآداب الأخرى وتنمو وتتفاعل وظروف الزمان والمكان وسمات المجتمعات المحلية من عادات وسلوكيات ومناسبات. وكما تأثر الأدب العربي بشهنامة الفردوسي وإلياذة هوميروس ورباعيات الخيام تأثر الأدب الغربي بكليلة ودمنة والوقوف على الأطلال وألف ليلة وليلة! وكما هي الحال مع نازك الملائكة التي تأثرت بوليم بلايك، ومع بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور اللذين تأثرا بالشاعر البريطاني الأميركي إليوت. فالعلاقة تكاملية تفاعلية مطلوبة من أجل الخَلق والإبداع والنتاجية الفاعلة التي ينشدها المبدع دائما وهي جوهر الأدب؛ وغاية فنونه؛ وكُنه نشأته؛ وأصل وجوده. وما موروثنا الثقافي إلا حصيلة تلك الآداب ؛ وخزينة فنونها؛ وعصارة تجاربها بطرق تلاقحها؛ ومناهج إثرائها؛ وتعدد انتماءاتها. وأكدت اعتدال أن العلاقة تفاعلية تأثرت وأثرت وحسب دراسات مختصي الأدب المُقارَن ومتابعي الفنون العالمية فإن الأدب العربي يعد الركيزة الأولى والأصل في نشأة العديد من الآداب بشتى فنونها شعراً؛ وقصة؛ ورواية؛ وخطابة؛ ومقالاً. وعليها تبلورت حضارتها الفكرية ومن دون منازع وإن تنكر لذلك البعض غير أن اللافت في الأمر أن أدباء الغرب أو مُنتجي الفنون الفكرية للشعوب الأخرى لم يقتصروا على ذلك الأثر أو التأثر ولم يقفوا عنده بل تمازجوا فيه وتناغموا في جذوره واستخلصوا مادة أخرى وصنعة تفرَّدوا فيها بصبغتهم وحسب سماتهم البيئية؛ ومعتقداتهم؛ وأيدولوجياتهم؛ وحيواتهم البيولوجية ؛ والسيكولوجية؛ والعقائدية؛ وثوابت يقينياتهم؛ وركائز نشأتهم؛ وفلسفتهم الكونية الوجودية. وفاجؤونا بمادة إبداعية جيدة الخِلقة؛ مدهشة الصنعة ؛ نديَّة الأثر في الوقت الذي وقفنا نحن الأدباء العرب فيه عند النقل الحرفي عنهم أو التقليد الأصمِّ؛ أو الإبداع النقلي النمطي دون أن نُحدِثَ فيما تأثرنا فيه أثراً أو خَلقاً أو تفرُّداً مذكورا . فأعاجم الشُّعراء قرأوا الشِّعر العربي وتأثروا بالمطالع والوقوف على الأطلال ولم يقفوا عنده بل انصهروا في تجذُّره وذابوا في الفن وأدخلوه في صنعتهم وخرجوا بالرباعيات وشُّعراء الغرب تمخَّضوا في الشِّعر العربي جيداً وقدموا لنا الشِّعر المُرسل أو قصائد الخطفة أو الومضة أو قصائد الهايكو ورَّوجوا لها عالمياً إلى أن تمكنوا أن يؤثروا على الشعراء العرب ويدخلوهم في عالم قصائد الومضة والنثر المستشعر والشِّعر الحداثي أو الحديث. نجيب: المقارنة محصورة بعد الرسالة المحمدية المناصرة: الاستعمار استولى على آلاف المخطوطات العارف: نحن بحاجة ماسة لتعريب علومنا أبوعساف: الرواية في الأصل غربية اعتدال: العلاقة تمازجية ولا ضير في ذلك Your browser does not support the video tag.