وضع الأشياء في أماكنها التي تجب؛ يجعلها أكثر قرباً للنفس وأكثر حباً لها. وصناعة الأشخاص بالنظرة التي تودها لهم شيء يجملهم ويبعثهم بنا أيضًا كما يجب. فكل ما نحس به من حياةٍ حولنا هي من صنع الله، ثم بقناعتنا بها فنحن من نرى البحر غداراً أو شاعرياً، ونرى الليل حالكًا أسود ومملاً، أو سرمدياً عليلاً وجميلا!! ومن نرى الشمس حارقة أو مضيئة.. نحن مَن نصنع من الأشياء جمالاً، أو قبحًا حتى الأشياء التي في متناولنا يمكن لسيئها أن يكون حسناً لو أننا اخترنا له ذلك.. ويمكن لحَسَنِها أن يكون سيئاً أيضًا لو اخترنا له ذلك.. كما اخترتَ قناعتك بي ثم نظرتني وجعلتني شيئاً رائعاً عازفاً وأنيقًا، فكان من المحتمل أن يكون من جذعي حطباً مشتعلاً يسد حاجتهم ويضيء حياتهم ويدفئهم وهو يحترق. لكنك اخترتَ أن أكون «قيثارة»... تعزف على انحناءات روحي آمالاً وأحلامًا، وتمرُ بأناملك المذهبة على جسدي؛ فتزرع عليه حدائق وأعنابا .. وأسمعُ في هدوء الوقت مقطوعة لم يفعلها موسيقيّ على مر الزمان لا لغواً ولا كِذابا.. فما كان بإمكانك أن تفعله فعلت أجملُ منه.. واخترتَ لي أن أكون شيئاً تضعه على كتفك وتمسكه بخدك وتغمض عينيك عليه بحب، ثم تدور به ومعه حتى تقنعه بأنه أجمل ما حصل لك بدلاً من أكون أي شيء آخر.. كثيفةً غناء ومتشابكة... تجري من بين جنبيها أنهاراً من الطمأنينة تكاد أن تكون كوثرا! يُنحت المرء على الشكل الذي يشعره ويستشعره ويكون عليه... وكأنه على دوائر الفخار تدور به يتشكل بأيدي من يملكه ويتحكم به ويصقله.. فإن حدث وكان لك بشر تتملكه فأنظر ماذا فعلت في داخله وفي خارجة أنظرُ لنفسك به كيف عُكست روحك عليه!! ماذا فعلت به هل كنت له سُقيا أغنته ورعرعته؟! إن كان هذا نتاج وجودك فأنت قد صدقته. لهذا نحن من نفعل الضحكات والخيبات والأمنيات بهم.. يطيرون في سماء سابعة ويسقطون في قاع أرضٍ قاحلة... حيثما نريد. فاختر لمن اختارك حياة حب طيبة يشكرك عليها كلما نظر لنفسه ووجد أنه أجمل..!! ** **