في مطلع الستينيات الميلادية كان توماس صامويل، من أبرز الذين استقرأوا مسارات بنية الثورات العلمية، مستشرفين تحولات خارطتها المعرفية، وبما يمكن أن تحدثه من تحولات ما بين حضارة وأخرى، تبعاً للتفاعل المعرفي بين مكونات تلك البنى، ومدى قدرة علومها الإنسانية في ديناميكية عجلة منجزها المعلوماتي، وإنتاجها المعرفي، ما جعل من الثقافة أولى مرتكزاتها باعتبارها المكون التراكمي، الذي يتشكل ذرات أي مجتمع من المجتمعات، ما جعل من الثقافة إرثاً حضارياً تتناقله الأجيال، وتتكامل وظيفياً في أدائه كافة المؤسسات ووسائل الإعلام. إن الطموح الوطني، والمجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، الذي أرست أسس استراتيجياته رؤية 2030م، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهندسة ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- أسست لبنية علمية وعملية، بدءًا بالتأسيس، وانتهاء بحوكمة تقيس الأداء، وتقيم وتقوم، ما جعلنا نلمس في 2020 الكثير من شواهد هذه التحولات في مسيرة الرهان على العالمية الجديدة للمملكة العربية السعودية، التي قوامها استنهاض مقومات المكان، والاستثمار في قدرات الإنسان، بوصفه المسؤول والمقصود بإنجاز التنمية المستدامة لبلادنا. وبما أن الثقافة مرتكز كل ذلك، فقد جاء إنشاء وزارة للثقافة، أحد أركان الرؤية، التي تتخذ من تشكيل هيئاتها فلسفة جديدة وأذرعاً قوية احترافية بقيادة سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، في مواجهة التحديات، بما يواكب المرحلة العالمية والرؤية الوطنية، لإدارة صناعة الثقافة، وتسويق منتجاتها الإبداعية بمختلف فنونها، بوصفها القيمة لا السلعة، وبصيغتها الاستثمارية لا السوقية، ما يفترض معه -أيضاً- أن إنشاء البنية التحتية بمواصفات أحدث النماذج العالمية لكل هيئة، ربما تكون أهم التحديات، وأكثرها صعوبة. * في معيارية «الصف الأول» لعالم اليوم، يعد الناتج المعلوماتي، والصادرات الثقافية، اشتراط حضور.. وشرط الريادة. ** **