لا يحاول هذا المقال من قريب أو بعيد تكرار ما سبق من الكلام المكرّر، أعني من توضيح أهمية القوة الناعمة ومكانتها العالية التي قد تتجاوز القدرة العسكريّة والمالية لبلد من البلاد. إنَّ هذا المقال يحاول في أساسه تقديم مقترح جاد وإجرائي يبقى في ذاكرة العالم وأرشيفه لم لا؟ وقد قالت الحكمة الشهيرة ذات يوم: «من يملك الأرشيف يملك العالم». ودخولاً في الموضوع مباشرةً ودون مقدمات مطولة علينا أن نعرف بأنَّ لدينا قائمةً طويلةً مِن الإبداعات لا يمكن حصرها وفي المجالات كافة، ولأنَّ المقال يتركز على الجانب الأدبيّ وتحديدًا السعودي منها فيبدو من الضروري -ربما- أن يتم نقله إلى اللغات الأخرى خلال منصّة مسك ومبادرتها الأخيرة #مسك_الكتب التي تهدف لجعل الثقافة سهلةً وبمتناول الجميع في العالم العربي؛ إلا أن ما يجب أن نفكر فيه -رغم أهمية ما فعلته مسك بمبادرتها الجميلة- هو السؤال التالي: لماذا لا تُنقل إبداعاتنا السعوديّة إلى الفضاءات العالميّة وأرشيف مكتبات العالم أجمع؟ فلدينا رواية «الحالة الحرجة للمدعو كاف»، لدينا المرحوم غازي وعصفوريته الجميلة لدينا ثلاثية تركي الحمد، لدينا العمل الرائع «زرياب» لمقبول العلوي بل لدينا الشعر الجاهلي مع صور فوتوغرافيّة عن الأماكن التي كانوا يسكنونها بالمملكة فالقيام بذلك سيكون بمثابة الرصاصة الصادقة والحقيقية الموجهة للخطابات المعادية التي تحاول تصويرنا فقط ك«أرض بلا إبداع وتاريخ بلا ثقافة». لدينا إبداعات أميمة الخميس «الوارفة، البحريات، مسرى الغرانيق في مدن العقيق» كذلك روايات رجاء عالم الرصينة ولدينا في الوقت نفسه قدرة على الترجمة وكوادر وطنية قادرة على ذلك؛ شريطة أن يكون العمل مؤسساتياً لا ذاتياً وهذا هو الأهم، لدينا القدرة على بناء شراكات عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية، لدينا كذلك شعراء كبار أمثال الثبيتي وسعد الحميدين وحمزة شحاتة وآخرين لدينا كُتب أكاديمية نقدية رائعة يمكن كذلك نقلها إلى اللغات الأخرى بعد بناء شراكات توزيعية آمنة فلم يكن ما كتبه البازعي بشأن «المكون اليهودي في الحضارة الغربية» هينًا. لدينا قائمة طويلة من الإبداعات السعودية في جميع المجالات فلماذا لا تُنقل إلى الضفة الأخرى من الكون؟ كي يعرف أفراد هذا العالم أجمع بأننا لسنا مجرد برميل نفط أو رعاة إبل. وختامًا وفي نهاية هذا المقال ربما عليّ التذكير بالحكمة الشهيرة التي تقول: «من يملك الرشيف يملك العالم» فليكن لنا أرشيفًا في جامعات العالم ومكتباته وليقرأنا ذلك الألماني أو الأمريكي أو البريطاني أو الفرنسي أو الصيني أو الروسي وهو يركب التكسي أو الباص متوجهًا إلى عمله في السادسة صباحًا من كل يوم، فالأدب والإبداع عمومًا يُعد أهم وثيقة تاريخية حسب الكثير من المفكرين. ** **