الدكتور الشيخ عايض القرني خرج في أحد البرامج التلفزيونية يعتذر أصالة عن نفسه ونيابة عن الصحوة عمَّا بدر، اعتذار المخطئ المذنب الذي يرجو العفو! وانقسم الناس حسب الأهواء بين مؤيّد لذلك ومعارض! واعتقد أن الشيخ تحجّر واسعاً في ذلك وكان عليه أن يعتذر عن الأخطاء التي حدثت فحسب وليس عن المرحلة كلها ولا أن يكون نيابة عن البقية حتى لو لم تكن مثالية كما يجب ولكن لأن الشيخ فيه من الوقار وحسن النيّة ما خوّله أن يقوم بذلك، لأن من الإجحاف القول إن كل تلك المرحلة كانت سيئة محضة كما أنها لم تكن إيجابية محضة فلا شك أن هناك سلبيات وهناك إيجابيات ولكن المعارضين كان صوتهم أقوى في وسائل التواصل الاجتماعي من المؤيدين لذلك رضخ الشيخ مرغماً مع التيار الجديد القوي والذي أصبح ممسكاً بزمام الأمور في وسائل التواصل والحقيقة أنّ هناك أيام الصحوة أخطاء عفوية وأخرى من باب سد الذرائع ولنقل فيها تعمد تطرفي غير عقلاني عند البعض نوعاً ما تسبب بتشنجات اجتماعية وأخطاء لا يجب أن تحدث لأنها كما قلت من الطبقة البرجوازية الدينية والتي كانت شبه عشوائية لكنها في نفس الوقت حافظت على النسيج الاجتماعي من الانفلات العقدي والعرف التقليدي بحيث نرى اليوم البعض من يتبنى الإلحاد بصورة علنية ويرمي تبعات ذلك على الدين وهو براء من ذلك، وهذا ما جعل الأغلبية المتشددة أو البرجوازية الدينية بعد أن تهيأ لها الخروج من ربقة التطرف والتشدد أن تنساب مع الطبقة الليبرالية بل أصبحت ليبرالية متطرفة حيث أنها انقلبت رأساً على عقب ليس على الطبقة الدينية فحسب وإنما حتى على الدين نفسه وبدا لها أن تستغل المهارة والتميز التي كانت تختزلها أيام التدين في تسخير تلك القدرات في المعارضة والمحاولة في النيل من كل ما هو يمت بصلة للصحوة والصحويين حتى اقتدى بهم من كانت ولادته تجاوزت أحداث الصحوة فاشتد إصره عليهم حتى جاوز الحد بل أخذ يحلل ما كان حراماً دون علم من باب (كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه). ربما كانت إحدى زلات الصحوة أن جعلت القيادة للطبقة البرجوازية الدينية والحقيقة أنهم تسلموا القيادة بالقوة التي تستند على الجمهور والتي ليس لها منهج صحيح وحقيقي في إدارة الخطاب الديني على الوجه الإسلامي المعتدل الذي يأمر به الإسلام فكان التشدد في المزاوجة بين العادات والتقاليد الاجتماعية وبين الأحكام الفقهية من باب سد الذرائع كا أسلفت دون النظر إلى التغير الحضاري والتقدم التكنلوجي والعلمي بالنسبة للعالم ككل فكان من المفترض أن يغدو الإيمان بالانفتاح أمر لا بد منه حيث العالم أصبح يسير سيراً حثيثاً نحو ذلك بينما نبطئ نحن ولكن حتى هذا البطء ليس للصحوة فيه ذنب ذو كبير فهناك الكثير من الدول التي كان الانفتاح فيها علامة فارقة ومع ذلك فهي في مؤخرة الركب بكثير، ولا شك أن الجميع ينشد التغيير ولو على استحياء ولكن هناك أمور لا بد أن تكون في ذاكرة المجتمع حتى لا نصبح كالأغربة التائهة كما نرى بعضهم اليوم في السوشال ميديا فالهوية هي الدين والوطنية والقومية والمحافظة عليهم واجب وليس سنّة توجب على البعض وتسقط عن آخرين فالتطور مع الهوية الوطنية والدينية إنما يسيران جنباً إلى جنب إلا إن كان التقليد عند البعض يضني تباريح القلوب ويأسر عقول الجهلاء وهذا ما كان يعيبه علي شريعتي على الإيرانيين في أواخر الستينيات حين غدا التقليد الغربي سمة ممجوجة لخلع عباءة الهوية الوطنية أو كما يسمّيه ديالكتيك سوردل! حتى بلغ بالبعض أن خلع عباءة الاستحياء والخجل الذي يزينه المرء دينه وتقاليده وأسرف في مواقع التواصل حتى تجرأن الفتيات في ذلك وضاع في زحمة الأقلام من يدّعي الديمقراطية والوقار فغدت الشتيمة والكذب عنوان للحرية يتشدق بها أنصاف المثقفين والإعلاميين يشد عضدهم الشيخ الفضائي الجديد كما يسميه الدكتور الغذّامي، وبعد هل لنا بمراجعة كل غثاء وزَبَدٌ لا يرجى منه فنتقيؤه ثم نمضي الهوينا في رسم الخطوط المستقبلية بكل الألوان وبطريقة صحيحة محترفة يحفها خط أحمر يكون علامة الوقوف حين يستدعى أن نقف؟ قد يكون ذلك! ** **