كعادتها دائمًا في مثل هذه الظروف الاستثنائية، كانت أجهزة الدولة المختصة - بتوجيه من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - في الموعد وعلى مستوى المسؤولية، حيث قامت أجهزة الدولة المعنية (كمنظومة متكاملة) بتنفيذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بالتخفيف من خطر فيروس (كورونا) منذ اللحظات الأولى لإعلانه جائحة عالمية، وذلك في دلالة واضحة على استشعار المسؤولية والاهتمام بالإنسان -مواطنًا ومقيمًا- وجعله على رأس الأولويات، وهكذا دائمًا المملكة العربية السعودية تتسم مواقفها بالجاهزية والحضور الفاعل وتسخير كافة الإمكانات دون تحفظ أو ادخار للجهد أو المال أو الوقت لوضع التحوطات الاحترازية اللازمة للحفاظ على حياة الإنسان وصحته وكرامته وإِنسانيته. وهذا أمر ليس بمستغرب من حكومة المملكة العربية السعودية التي عرفت بالمبادرات الإنسانية خارج حدودها، والإسهام في درء الكوارث والمحن والظروف الطارئة في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن جاهزيتها العالية لمواجهة الظروف الاستثنائية داخل أراضيها. لكن الإجراءات الاحترازية التي تمت لمواجهة هذا الفيروس الذي اجتاح العالم أكَّدت حكمة القيادة ونظرتها العميقة تجاه الوباء بالمستوى المناسب ووضع الترتيبات الكفيلة بالتصدي له في التوقيت الأنسب، وتسخير كافة الإمكانات وعمل الإجراءات المميزة اللازمة على مختلف المستويات. على الصعيد الاجتماعي، وضعت الدولة التدابير اللازمة منذ الوهلة الأولى حيث تمت التوعية المناسبة عبر مختلف وسائل الإعلام، وتبصير أفراد المجتمع بالتصرفات الواجب اتباعها لمنع انتشار الفيروس وتبع ذلك تعليق الدراسة في كافة المراحل حفاظًا على صحة المواطنين والمقيمين ومنعًا لانتشار الفيروس، وكذلك تعليق مختلف الأنشطة الرياضية حتى وصلت الإجراءات تدريجيًا إلى تعليق حضور العاملين للمكاتب الرئيسة للقطاع الحكومي، ثم تبعه القطاع الخاص مع استثناء الجهات التي يتطلب الأمر استمرارها وفق إجراءات تحددها الجهات المختصة، وصولاً إلى توعية السكان بضرورة البقاء في المنازل كحجر احترازي تمشيًا مع سياسة محاصرة الفيروس وتطويقه، وفق تعليمات منظمة الصحة العالمية. وعلى الصعيد الصحي أعدت الجهات المختصة -منذ اللحظات الأولى لظهور الفيروس وعلى رأسها وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة- كل الاحتياجات والاحتياطات اللازمة للحجر على المشتبه بإصابتهم بالفيروس القادمين من بعض الدول المتأثرة بالفيروس، وكذلك الذين انتقل إليهم الفيروس بالمعايشة والمخالطة والاحتكاك، ووضعت الدولة كافة إمكاناتها للتقليل من هذا الخطر ومحاصرته وتطويقه في أضيق نطاق حفاظًا على صحة المواطنين والمقيمين ووفرت كل الاحتياجات الطبية اللازمة، وقدمت الخدمات الطبية الوقائية أو العلاجية على مستوى رفيع. أما على الصعيد الاقتصادي فقد وضعت الدولة خطة عاجلة ومدروسة لتفادي أي أضرار اقتصادية قد تترتب على تداعيات هذا الوباء المتمدد بطول الكرة الأرضية وعرضها، حيث أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي تقديم 50 مليار ريال لتخفيف الآثار المالية والاقتصادية المتوقعة من (كورونا) على القطاع الخاص، خصوصًا المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذه خطوة تدل على حكمة القيادة وفطنتها وإدراكها للأبعاد الاقتصادية لمثل هذه الأوبئة، وتداركها للأمر وتحوطها منذ وقت مبكر قبل الدخول في أي حسابات معقدة لاحقًا، حيث وضعت الدولة هذه التدابير الصحية والاجتماعية والاقتصادية المحكمة بوعي وجاهزية عالية وفي توقيت مناسب حفاظًا على صحة الإنسان وحياته واهتمامًا به. حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر، وحفظ قيادتنا الرشيدة وأيدها بتوفيقه وعونه ومتعها بتمام الصحة والعافية.