مساء الخميس الماضي عقد في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بالظهران «إثراء» أول لقاء سنوي ودعي إليه قرابة مئتي من الضيوف من مسؤولين وإعلاميين ومبدعين. معظمهم أصدقاء وزملاء نتشارك في اهتمامات متعددة الجوانب. برنامج دعوة المؤثرين لزيارة أرامكو السعودية ظل مستمرًا لعقود طويلة ضمن خطة تعريف الإعلاميين والمسؤولين على الشركة وجوانب نشاطها. أول زيارة لي لمعرض الزيت كانت عام 1980، حين زرته لأفحص شاحنة كانت تستخدم لنقل لوحات ضخمة للمعارض عن صناعة النفط، استغني عنها، وعهد إلي بإعادة تصميمها لتستخدم كمكتبة متنقلة تحمل كتبًا لمدارس الهجر ليستعيرها التلامذة. طرأ فرق كبير على مبنى موقع النشاطات ومحتوى برامجه واتسع لاستضافة معارض، أو عروض أفلام، أو محاضرات عن نشاط الشركة صناعيًا واقتصاديا. وأخيرًا تم تشييد مبنى «إثراء» المميز مصممًا بشكل يوحي بثلاثة جلاميد في تنسيق خارجي جميل. ويضم في داخله مكتبة متسعة ومتحفًا ومطاعم وصالات حديثة مهيأة لإقامة عروض فنية وتشكيلية ومؤتمرات كبيرة، كان آخرها مؤتمر مؤسسة الفكر العربي، إضافة إلى استضافة فرق تعرض فنون وثقافات مواطنها فتفتح شرفة تواصل حي مع العالم شرقًا وغربا. كل مرة أزور فيها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي «إثراء» بالظهران أشعر بسعادة غامرة كأم تحضر تخرّج ابنها فتتذكر مشاعرها قبل ولادته وخلال مراحل طفولته وشبابه فخورة بنموه. أتذكر كل الجهود التي بذلناها وشاركت فيها وكل الاجتماعات التي تبادلنا فيها الرأي حول مشروع تحديثه إلى مركز ثقافي شامل يخدم المجتمع كجزء من المسؤولية الاجتماعية لشركة أرامكو. وأراه الآن متجسدًا في هذا الصرح الذي أصبح معلمًا ثقافيًا وطنيا، بل وعالميًا إِذ سجل مؤخرًا ضمن قائمة أهم 100 مراكز ثقافية في العالم بشهادة مجلة «تايم». استعرض الأستاذان عمر حمبظاظا مدير المركز وعبدالله الراشد مدير البرامج أهداف ومنجزات مركز إثراء في العام الأسبق في قائمة شملت كأمثلة عشر نشاطات تضمنت أكثر من1600 زيارة مدرسية، ومليون زائر، وعروض فنية وتراثية كثيرة كان آخرها أسبوعين قدم فيها برنامجًا حافلاً للتعريف بثقافة فيتنام بكل وجوهها.. ونشاطات أخرى داخلية التركيز كبرنامج إعداد المتطوعين وتشجيع القراءة والابتكار ومكافئة المتميزين. برامج إثراء صممت لإرضاء شتى فئات المجتمع؛ العاديين والموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة. وفي توجه مجدد ومحاولة ل«تحسيس» عامة الناس جاء برنامج «تذوق الظلام» حيث يمر الزائر بتجربة معايشة الظلام الدامس والاعتماد على اللمس والسمع للتعرف على ما يمر به ليحس بتجربة انعدام قدرة البصر. ليست أول مرة أزور المركز بدعوة خاصة فقد حضرت مع زملائي في مجلس الشورى افتتاحه رسميًا قبل سنوات. واختار ولدي أحد مطاعمه لعشاء عيد الأم. كانت ليلة أمتعتني فعلا. إضافة إلى المبنى المتفرّد التصميم أسعدتني التفاصيل الأخرى؛ التنظيم الدقيق وترحيب المنظمين ومتعة لقاء زملاء وأصدقاء في مجال الإبداع والإعلام والثقافة جاءوا من مدن قريبة وبعيدة شملت الوطن والخليج. وكان تناول العشاء مع أنغام الفرقة الموسيقية الهادئة والحوار مع رفاق المائدة مثيرًا للتأمل الإيجابي. أدام الله نشاطكم يا إثراء. وفقكم الله. بحق كانت ليلة ممتعة و«إثراء» كامل.