بالأمس ال15 من جمادى الآخرة 1441ه حلت ذكرى وفاة والدي الشيخ إبراهيم بن ناصر بن عبد المحسن آل منيف عن عمر 69 عامًا، تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه ووالدتي فسيح جناته. والدي كان رجلاً متعلمًا، حفظ القرآن في سن مبكرة, وفي بداية عمره درس على أيادي علماء وأئمة في حوطة سدير، وجالس عددًا من العلماء الأفاضل، مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك، ودرس على يد سماحة الشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ سليمان بن خزيم، وغيرهما رحمهما الله. وفي بداية عام 1360ه عُيّن إمامًا لأحد مساجد حوطة سدير. وفي عام 1374 عُيّن مدرسًا للعلوم الدينية في إحدى مدارس الحوطة، وكذا بمعهد المعلمين حتى عام 1383، ثم عُيّن كاتب ضبط في محكمة المزاحمية حتى 1394، بعدها انتقل إلى مدينة الرياض فعمل كاتب ضبط بالمحكمة المستعجلة حتى عام 1401 حينما عُيّن كاتب عدل بالرياض إلى جانب إمامته مسجد الرويتع بالرياض، إضافة إلى عمله مأذونًا لعقد الأنكحة، إلى أن توفي -رحمه الله- بتاريخ 15-6-1413ه. والدي -حسبما كنا نسمع من بعض أقاربه وأصدقائه ومحبيه- كان فطنًا ذكيًّا حافظًا واعيًا لكل ما يقرؤه أو يسمعه من غيره، وكان متفتحًا عصريًّا، ينبذ التشدُّد والانغلاق، كما ينبذ الانفلات وعدم المبالاة، وكان حريصًا على تعليم بناته كحرصه على تعليم أبنائه، وكان يلقننا دروس الحياة، ويوجهنا إلى السبل السوية بنين وبنات. والقريبون منه يدركون تمامًا حجم عاطفته وشهامته مع الجميع، خاصة مع الأقربين. والحمد لله فقد سار على دربه أبناؤه وبناته بل أحفاده.. وكان احتواؤه لنا بنين وبنات أمرًا لا يوصف رحمة الله عليه. كان واسع الصدر، قليل الغضب، هادئ الطبع، لين الجانب، متسامحًا إلى أبعد الحدود، ولكنه غير مفرط. له مواقف رائعة حبًّا وعطاء وكرمًا، وقبل كل هذا وذاك كان شديد الحرص على القيام بواجبات عمله، لا يعرف التأخُّر ولا التغيُّب ما لم يكن بعذر. أبي رحمه الله كان شديد الحب لبناته قبل أبنائه، عطوفًا، رحومًا، كريمًا، لا يعرف التقتير ولا التبذير. أجزم أنه لا يماثل، وكان له نصيب وافر بالعمل مع أهل بيته.. رحل «بابا» الطيب.. رحل ومن عظم حبه في العيون عظم مصاب فَقْده في القلوب.. نعم رحلت يا أبي، ولكن أنت ومَن هم أمثالك لا ينطفئ نورهم أبدًا.. فاللهم ارحمه ووالدتي، وأسكنهما جنة الفردوس، واجمعنا بهما هناك يا رب العالمين. ** **