(أبو ناصر) إبراهيم العريج، والدي الكريم.. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجميع موتى المسلمين.. أجزل الله ثوابك يا والدي يا من من ابتُليت بالمرض فصبرت وشكرت؛ تتحمل الآلام بنفسٍ راضيةٍ ولسان شاكر لله تعالى، ودائماً ترد على كل من ينشد ويسأل عن صحتك تقول (بخير ونعمة ولله الحمد)، والله نسأل أن يكون ما أصابك طهوراً ورفعة لمنزلتك. تجاوز الله عنك يا من كنت قريباً من الناس، حبيباً محبوباً، لطيفاً كريماً مضيافاً. وعندما توفاه الله فقد شهد وداعه والصلاة عليه وتشييع جنازته يوم الأربعاء 22-2-1432ه جموع غفيرة جداً منهم من دمعت عينه ومنهم من حزن قلبه لفقد هذا الرجل الغالي عليهم، فجزاهم الله خير الجزاء على مشاعرهم. يقول الشاعر منصور المنصور في رثاء والدي: الأربعاء كلن بوجهه تعابير حزن وألم ضيقه ودموعن غزيره والله ما نحصي من كبير وصغير جتنا وعزتنا جموعن غفيره يا سدير لا تبكين تكفين يا سدير كفي دموعك وامسكيها لغيره إن لوالدي مجلسه العامر منذ عشرات السنين، فعندما كان في الرياض كان بيته منصاً لكثير من إخوانه الأفاضل الأحبة أهل سدير.. ووجبة الغداء أو العشاء، فلقد اعتاد كثيراً في أن يشاركه فيها أحد أو بعض إخوانه من سدير.. والدي ساعي البريد وساعي الخير كلاهما اجتمعت في والدي إبراهيم العريج -رحمه الله- وموتى المسلمين. لن أنسى ما حييت جلستك كل مساء في (روشن) البيت في شارع الريس بالرياض ومعك عشرات الرسائل البريدية ترتبها تستعد ليوم العمل والتوزيع الصباحي في البطحاء والديره سيراً على الأقدام، وفي حوطة سدير التي عاد للسكن فيها قبل ثلاثين سنة أو تزيد واستمرت معه عادته الكريمة الطيبة عادة الطيب والكرم و(هجة) الباب من صلاة الفجر حتى ما بعد صلاة العشاء هذا زائر، وهذا أخ مسير وهؤلاء شيباً وشباباً اعتادوا جلسة وقهوة الصباح الباكر والنار لا تنطفئ في فصل الشتاء. يقول الشاعر محمد الفارس (أحد نجوم شاعر المليون) في رثاء والدي: يا والله اللي راح من نجد رجال وانهد ركن الجود في حوطة سدير يا والله اللي راح ممدوح الأفعال شيخ(ن) حياته غير ومفارقه غير أب وهلا وأقلط على كل أبوحال النادر ابن عريج زبن المخاسير له مجلس للضيف منصا ومدهال ذولا ورود (ن) له وذولا مصادير والدي الذي عرفته وسمعت عنه كل خير، ولن أبالغ إذا قلت إنه حتى العصافير قد حزنت لفراقه، فإن العصفور اعتاد كرم هذا الرجل الراحل أبو ناصر اللي مشرع بابه كرماً وترحاباً لكل زائر وضيف وكل مسئول يحل ضيفاً لحوطة سدير، ولا أنسى إذ أنسى أن أقول إن التمر الذي نأكل منه وكذلك الذي يقدم للضيوف تشاركنا فيه العصافير، فعندما تثمر النخلتان أو الثلاث في بيته فهو يترك وقت الصرام عذقاً للعصافير لتأكل منه.. وفي وقت لا يوجد رطب في النخل فهو قد عود العصافير كل عصريه تقريباً عندما يكون في مجلسه في مقدمة البيت أن يأخذ عدداً من التمر فيكورها بحجم كرات صغيره فيرميها في مقدمة البيت بالقرب من النخل فتجد العصافير تلقف ما يرميه لها فهن (العصافير) يتابعنه وهن على النخلة أو جدار المنزل وبعد أن تشبع العصافير من تمر أبو ناصر تذهب لتشرب من إناء ماء قد خصصه والدي لها. وقد ذكر ذلك الشاعر منصور المنصور: بكاه طفل وشاب وصغير وكبير وبكاه شيب وعجز وطفله صغيره وبكاه بيته شارعه و(العصافير) وسجادته تبكي ويبكي سريره ما أطيبك وما أجمل ما رأيت فيك يا والدي، وما سمعت عنك من حب وحرص للديرة واهتمامك بكل ما يستجد من مشاريع فيها بالمتابعة والاتصال بأخيك رئيس مركز حوطة سدير سابقاً الشيخ صالح بن سليمان الزكري -حفظه الله وأمد في عمره.. والدي ما أجمل طلعات البر ونحن في صحبتك منذ أن كنا صغاراً والخيام التي تنصب في (الزوليه) و(العبله) وتمتلئ بالأقارب والزوار وحرصك على جمع الأقارب في وقت الربيع والكشتات في مخيمك الذي اعتدناه سنوات طويلة ذكريات جميلة عشتها وعاشها إخواني وأخواتي ووالدتي معك، رحمك الله تعالى يا من توافدت المئات وتتابعت الاتصالات من كل مكان لعزائنا ومواساتنا في مصابنا فيك (جزاهم الله خير الجزاء)، غفر الله لك يا والدي وتجاوز عنك، وتغمدك بواسع رحمته، وجزاك الله عني وعن والدتي وإخواني وأخواتي خير الجزاء يا من كُنت لنا الأب الحنون، والأخ الكريم، والصديق الصدوق. والله نسأل أن يُحسن عزاءنا، وأن يُعظِّم أجرنا، وأن يجبر مصيبتنا فيك، وأن يُلهمنا الصبر على فقدك، رحلت عن الدنيا وبقيت سيرتك العطرة على لسان كل من عرفك، رحمك الله رحمك الله وجميع موتى المسلمين. وفي الختام أتقدم بالشكر والتقدير والثناء للذين شاطرونا الأحزان وقدموا لنا المواساة في والدي -رحمه الله- بالحضور والاتصال وعبر الرسائل البرقية والفاكس ورسائل الجوال من أصحاب السمو المعالي ومن أصحاب السعادة من محافظين ورؤساء مراكز وأهالي ومقيمين، وأقدم الشكر الجزيل لسعادة الشيخ الفاضل صالح بن سليمان الزكري رئيس مركز حوطة سدير سابقاً -أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، وابنه رئيس مركز حوطة سدير الأستاذ فهد بن صالح الزكري على زيارتهم المستمرة أثناء مرض والدي -رحمه الله- في المنزل وفي المستشفى ومتابعتهم لحالته والسؤال عنه، والشكر لكل من كتب مقالاً ونثراً وشعراً رثاءً في والدي عبر الصحف والمنتديات، جزاهم الله خير الجزاء، والشكر كل الشكر لإدارة ومنسوبي مستشفى حوطة سدير جميعاً وفي مقدمتهم مدير المستشفى الأستاذ ناصر بن راشد الصافي على ما وجده والدي -رحمه الله- من عناية ومتابعة طبية طيلة أيام وجوده بالمستشفى. ناصربن إبراهيم العريج