الأمير سلمان بن سلطان يتفقد مستشفى الحرس الوطني    الأمير سلمان بن سلطان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون المناطق    السعودية ترسّخ مكانتها في التكنولوجيا المالية و "سنقل فيو" في قلب الحدث    تركي آل الشيخ يعلن بلوغ عدد زوار النسخة الخامسة من موسم الرياض 20 مليون زائر    الكرملين: بوتين مستعد للتفاوض مع زيلينسكي وجاد في إنهاء الحرب    الملك وولي العهد يهنئان ملك الأردن    وزارة الشؤون الأسلامية منع تصوير وبث الصلوات وجمع التبرعات لمشاريع التفطير بالمساجد    تنظيم مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    نائب أمير مكة يطلع على جاهزية الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن خلال شهر رمضان 1446ه    أمير منطقة جازان يستقبل الفريق الاستشاري بمعهد الإدارة العامة    إصابة 21 مسافراً إثر انقلاب طائرة أميركية أثناء هبوطها بمطار في كندا    أمير المدينة يلتقي بقائد القوات الخاصة للأمن والحماية    «السعودية للكهرباء» راعٍ رئيسي في ملتقى الأسواق المالية 2025 وتستعرض إنجازاتها وخططها المستقبلية    نائب أمير حائل يزور مقر الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "رفاق"    الأسهم تربح 67 نقطة.. المؤشر عند 12333    وزير الخارجية الأمريكي: مباحثات الرياض الخطوة الأولى لإنهاء حرب أوكرانيا    اتفاق على دمج قوات «قسد» في الجيش السوري الجديد    مهاجم النصر "دوران" يفوز بجائزة هدف الجولة 20 في دوري روشن للمحترفين    مجلس الوزراء يقر نظام النقل البري على الطرق    محافظ الأحساء يكرّم "المنصور " الفائز بأفضل معلم في العالم    أمير القصيم يكرّم أمانة المنطقة بجائزة صناعة المحتوى بنسختها الرابعة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 12 ألف طالب وطالبة من جامعة القصيم    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي وجهاء وأعيان منطقة القصيم    وزير الموارد البشرية يُكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة في دورتها ال 12    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي في مراكش رئيس الحكومة المغربية    وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في مؤتمر سلامة الطرق بمراكش    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال شمال الضفة الغربية    القبض على 3 وافدين لممارستهم الدعارة بالقصيم    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيًا من الضفة الغربية    ندوة لإطلاق تقرير "حالة تعليم اللُّغة العربيَّة في العالم" بالتعاون مع الإيسيسكو    نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة تحترم القانون الدولي    "زين السعودية" تحقق أعلى إيرادات بلغت 10.4 مليار ريال وتوصي بتوزيع أرباح على مساهميها للسنة الثالثة على التوالي    معرض جازان للكتاب يختتم فعالياته    في الجولة الأخيرة خليجياً.. الاتفاق يواجه القادسية الكويتي بالدمام    الكرة "السعودية" ودوري المحترفين الأجانب    في إياب ملحق دوري أبطال أوروبا.. بايرن لتأكيد تفوقه.. وميلان يأمل بتفادي الخروج    مقتل مسؤول عسكري في "حماس" بغارة على صيدا.. لبنان يترقب انسحاب الاحتلال.. ورهان على ضغوط واشنطن    برعاية وزير الداخلية وحضور مساعده.. تخريج كفاءات نسائية بكلية الملك فهد الأمنية    9 ملايين طن فوسفات وفرص استثمارية ووظيفية.. 29 مليار ريال مشروعات تعدينية في «وعد الشمال»    تأجيل القمة العربية الطارئة في مصر    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الخميس المقبل    وزير الشؤون الإسلامية يوجه بفرش جامع حجيلان بن حمد بالسجاد الفاخر    الحياة ببطء    «الصحة»: 3 أسباب رئيسة لسرطان الأطفال    الداير.. 38 عاماً وعقبة «الرقيل» عصية على الحل    ثقة دولية بالسياسة السعودية    البديوي: عدد السياح الدوليين القادمين إلى دول مجلس التعاون بلغ 68.1 مليون سائح حتى عام 2023    الفعر يستعرض رحلته إلى قمة كيليمانجارو في «أدبي الطائف»    تحدي ديزايناثون يحقق رقما قياسيا عالميا في الرياض    سعودية تعيد إحياء حرفة شارفت على الاندثار    الاعتراض على قيمة النفقة حق للوالدين    جيسوس: سأريح الأساسيين.. وميتروفيتش لم يجهز    حرس الحدود بالقنفذة ينقذ 5 مقيمين بعد جنوح واسطتهم البحرية في عرض البحر    أدوية باركنسون تنقص الحديد    كاراسكو يحيّر الشبابيين    الزميل الحربي.. ينجو وأسرته من حريق بمنزله    الأخطاء الشائعة عند ارتفاع ضغط الدم    اللصقات الغذائية بين الفعالية والتسويق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكائية ابن الريب وتأبين القصيبي دلالات التباين والتماثل (2)

والكناية في الشطر الأخير خاصة بزوجته التي اقتصر ذكرها على هذه الهيئة، أما الأكثر ظهورًا بين نسائه فذكر أمه (أم مالك):
أما المرأة في رثائية القصيبي فذات حضور يتناغم مع الجو التأملي الهادئ للقصيدة، ويبدو حضورها بشكل اعترافات حب وامتنان يودع بها زوجته ذات الحضور القوي كمًا بعدد الأبيات السبعة، وكيفًا عبر المساحة الوجدانية التي أُفسحت لها:
أيا رفيقة دربي لو لدي سوى
عمري لقلت فدى عينيك أعماري
أحببتني وشبابي في فتوته
وما تغيرت والأوجاع سمّاري
والمرأة الثانية لديه تحتمل تأويلات متعددة، فقد تكون نموذجه الجمالي الملهم، وقد تكون معجبة -نموذجًا لآلاف المعجبات- بشعره وشخصه، لكن نسقه الحواري معها يشهد تغيرًا جذريًا عن المعتاد في شعره، فهو يسألها بجفاف:
ثم يكمل معمقًا زهده بكونها الشاب الذي طالما استثار شاعريته، ولعله يستهدف زهدًا مقابلًا لديها به:
والتباين واضح بين رقته ونبله حيال زوجته وخشونته وزهده بمعجبته، ولعل لحظة الحقيقة والتأمل فرضت هذا الخيار.
والإطار الفكري الثالث يتمثل في المجد الشخصي وفق رؤية الشاعرين المتأثرة بطبيعة العصر، فابن الريب يقدم البطولة الحسية في ميداني الحرب والسلم مقياسًا:
لكن القصيبي يرفض مصطلح البطولة مكررًا رفضها ثلاث مرات، ويقدم مفهوم المجد المعنوي المستمد من فروسية النبل والشموخ:
وشخصيته الثقافية تبدو مكونًا مهمًا لمجده، وشاهدًا على فروسيته وشموخه:
و:
ومن الناحية الأسلوبية نلمس تماثلًا آخر في السمات، فالتكرار الذي يسلط الضوء على نقطة حساسة في العبارة ويكشف اهتمام الشاعر بها ظاهرة ملاحظة في المرثيتين على تباين في التأثير النفسي، فلدى ابن الريب تتكرر كلمات متناوبة بين الحنين والندم مثل: الغضا، والرمل، وفياليت شعري، وكلمة در المضافة مثل فلله دري، ودر الظباء، ودر كبيري، ودر الرجال، ودر الهوى. أما القصيبي فيظهر التكرار لديه بصورة توجيهية منظمة تعبر عن نفسية مستقرة مثل: إن ساءلوك، فقولي، لم يكن بطلًا، وإن مضيت.
والاستفهام سمة أسلوبية ثانية، وهو استفهام حقيقي على سبيل التمني لدى ابن الريب كقوله مستهلًا: هل أبيتن ليلة؟، أو على سبيل استشراف الحال بعد وفاته كقوله: هل تغيرت الرحى؟ هل بكت أم مالك؟، أما الاستفهام لدى القصيبي فاستنكاري تعجبي يدور حول إصراره على المضي رغم إنهاك الرحلة كقوله: أما سئمت ارتحالًا؟ أما مللت من الأسفار؟ أما تعبت من الأعداء؟، والاستفهام لدى ابن الريب يدور حول الحال بعد الموت في غالبه، أما استفهام القصيبي فيتناول الحياة وتعبها.
ويظهر العطف سمة أسلوبية ثالثة عند إدلاء الشاعرين بوصيتيهما وتوجيهاتهما بما يجب أن يُفعل ويُقال بعد رحيلهما باستقصاء للمعنى، وكأنها رغبة داخلية بأن يكون ما بعد الرحيل لائقًا بهما، ووفق ما يريدانه، فابن الريب يسوق العطف منذ بيت المواجهة الذي يعلن فيه دنو الموت: دنا الموت، فانزلا، ولا تعجلاني، وقوما، فهيّئا، وخطّا،...، والعطف يظهر لدى القصيبي عند بيان ما يجب أن يُقال بعد موته: إن ساءلوك فقولي، وإن مضيت فقولي، لم أبع...ولم أدنس. والجانب الموسيقي الداخلي والخارجي في المرثيتين متباين إلى درجة التضاد لارتباطه بالتوتر النفسي والانفعالي، وقد كانت بواعث التأزم النفسي أشد إلحاحًا في بكائية ابن الريب، وهذا دلت عليه حدة الموسيقى الداخلية المستمدة من صلابة الأصوات في مثل قوله: أزجي القلاص النواجيا، فتقارب أحرف الجيم المكررة، والزاي والقاف والصاد في مقطع واحد، وهي كلها أحرف إطباقية تحتاج لإغلاق الحلق، أو التقاء الأسنان، أو ارتفاع اللسان إلى اللهاة في جري لاهث للتعبير عن أمنيته الأخيرة والمستحيلة بالعودة، والتوقيعات الموسيقية تظهر في قوله:
فحلول الغضا مكررة في موقع الكلمة الثانية من كل شطر، وتماثل الركب والركاب في الموقع أوجد توازنًا موسيقيًا. والبكائية من البحر الطويل الذي طالما تبناه الشعراء للإفضاء بهمومهم لما يتيحه من اتساع عروضي وامتداد تعبيري. أما القافية فمسلمة إلى الشعور بعدم الاستقرار النفسي وافتقاد الأمان بتناوبها عبر حركات الفتح والكسر المتوالية، فكأنها ترتقي جبالًا ثم تهبط أودية بنسق سريع متتابع. أما موسيقى حديقة الغروب الهادئة فمرتبطة باستشعار غير وشيك للنهاية، والشاعر متأمل راض عن ذاته، فحياته صاخبة؛ لكنها أقدار، وقد أدى ما عليه تجاه بلاده، وفي فكره وإرثه الثقافي ما يمتد بذكره، وعلاقته بزوجته حب متبادل، وقد صفا قلبه لربه، وحسُن ظنه به، فإذن كل بواعثه النفسية تشيع مسحة رضا تضفي حلولها الموسيقي، ففي قمة تبشيع الواقع الخريفي الآفل يعبر القصيبي باستطالة تتيح امتداد النفَس: خريف، جائع، ضار. وقافيته مشبعة بتواؤم بين حركتي الفتح في البداية ثم الانحدار بكسر أخير، فكأنها حياته انحدرت بنعومة إلى غروبها. وحديقة الغروب من البحر البسيط المثالي لمشاعر الحزن الرفيع، والتأمل الهادئ، وهو ما ينطبق بقوة على رثائية القصيبي لذاته.
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.