عانت المملكة العربية السعودية على مر العقود الماضية من النظرة المتوجسة والخوف من قبل المجتمعات الغربية الأمريكية والأوربية وغيرها من المجتمعات؛ ورغم المحاولات المضنية التي بذلتها الحكومات المتتالية في المملكة واستخدامها أكثر من وسيلة لتحسين هذه الصورة ونفي صفة الرجعية والتشدد والعنف والحياة البدائية عنها إلا أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أعادت إلى الأذهان النظرة نفسها بل وأشد توجسًا وخيفة. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي حاولت الكثير من الجهات المعنية أن تتبنى سياسة إعلامية منفتحة على الغرب بهدف إعادة بناء النظرة السلبية الخارجية للمجتمع السعودي إلى نظرة إيجابية تتفق مع ما هي عليه المملكة الآن؛ إلا أن هذه الجهود لم تراوح مكانها إلا قليلاً وخاصة مع وجود بعض الأحداث الفردية التي تم استخدامها من قبل الأبواق المعادية للمملكة خارجيًا وتضخيمها بحيث تكون هي الأساس وليس الاستثناء، بل وتم تبني هذه الحوادث الفردية من قبل بعض الجهات بهدف التأثير على النظرة الإيجابية أو حتى الحيادية التي بدت في أعين الكثير من الدول والشعوب الخارجية. ومع انطلاق موسم الرياض وتنظيم المملكة وبخاصة مدينة الرياض لفعالياته توافد على البلاد آلاف السائحين من مختلف دول العالم، إضافة إلى أعضاء الفرق المشاركة في الفعاليات وأيضًا الشركات المشاركة في التنظيم. وكان هذا الحدث بما شملته أجندة الفعاليات المتعددة والتي تضاهي بل وتتفوق على كثير من مثيلاتها عربيًا وخارجيًا في كونها لم تكتف فقط بمشاركة للمحلات وألعاب الملاهي ولا حتى الفرق الغنائية ولا المسرحية بل تم نقل هذه المحلات والملاهي بكامل عتادها وعدتها لتكون هي نفسها التي يشاهدها ويستمتع بها الحضور. ولعل الفضل في هذا الزخم الإعلامي الذي تمتع به موسم الرياض يعود بعد الله تعالى إلى جهود حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ومعالي المستشار تركي آل الشيخ. كثير هم من تولوا المناصب فعرفوا بها وقليل هم من صنعوا للمناصب مكانة بهم ولعل من هؤلاء المستشار تركي آل الشيخ هذا الرجل الذي غيَّر بنظرته الثاقبة مفهوم الترفيه في المملكة العربية السعودية كما غيَّر من قبل مفهوم المنافسة في الرياضة السعودية. فها هو موسم الرياض قد انطلق ليؤكد للجميع أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، فقد سُخرت لهذه الفعالية جميع إمكانات الدولة وكل الدعم من جميع الجهات المعنية، وكذلك الدعم اللوجستي على جميع المستويات، فكان حدثًا فاق جميع التوقعات. ورغم ذلك لم يتوقف معالي الوزير عند قوة الانطلاق بل واصل الليل بالنهار لحل أي مشكلة أو عائق قد يواجه أي فعالية من الفعاليات، ورأينا كيف ضرب بقوة على أيدي العابثين في نافورة البوليفارد من خلال تفعيل القانون الخاص بالمحافظة على الممتلكات. وأينما تذهب تجده شعلة من النشاط والتحدي يفاجئنا يوميًا بكل جديد؛ ورغم كل هذه الجهود المبذولة وانشغاله تجده حاضرًا للرد على المداخلات على وسائل التواصل الاجتماعي ومستفيدًا مما يقوله الآخرون عن موسم الرياض. إن ما يقدمه هذا الرجل يفوق طاقة البشر ويتجاوز إلى حدود اللامعقول، وبنظرة فاحصة للحضور تجده أنه مزيج ما بين المواطنين والمقيمين والسياح وضيوف المملكة من جميع البلدان، ورغم ذلك لم نجد -ولله الحمد- حادثة واحدة تنغص علينا فرحنا بهذا العرس الكبير لأنه هناك قانون وهناك رقابة وهناك حرص على تفعيل هذا القانون وبقوة في وجه العابثين بمستقبل الوطن. لقد كان وما زال وسيظل موسم الرياض هو السفير الأعظم في تاريخ المملكة العربية السعودية والذي من خلاله عرف العالم أن المملكة ليست صحاري ولا قفارًا ولا أننا لا زلنا نتنقل بالبهائم والأنعام، تلك النظرة التي يراها بعض الغربيين نتيجة ما يقوم به المخربون من حوادث في الداخل والخارج. وأخيرًا علينا أن نرفع جميعًا قبعاتنا شكرًا وتقديرًا لمعالي المستشار وأن نقول له سر على بركة الله ونحن جميعًا أبناء هذا الوطن خلفك وداعموك.