أشعر أحياناً ببعض التعاطف مع الإعلاميين النصراويين الذين ينتشرون في البرامج الرياضية الفضائية ويشكلون فيها الغالبية العظمى سواء على مستوى الضيوف، أو على مستوى الإعداد والتقديم.. دواعي شعوري ذاك هي حالات (الاكتئاب والغمّ) التي تنتاب أولئك الزملاء عندما يحقق الهلال أي انتصار معتبر، وما أكثر انتصاراته المعتبرة، إذ لا يستطيعون إخفاء مشاعرهم تلك سواء كان انتصار الهلال محلياً أو خارجياً باسم الوطن.. ولكنني أتراجع عن تعاطفي معهم عندما أتذكر إنهم هم من وضعوا أنفسهم في تلك الزاوية، وأردد مع أهل الشام مقولة «اللي من إيدو الله يزيدو». بمعنى أنهم ضحايا التشبث بخرافة منافسة النصر للهلال التي ورثوها وصدقوها.. ذلك أن التنافس يعني التقارب في تحقيق الألقاب والمنجزات والأولويات وهذا بالتأكيد ما لا يتوافر لكي يكون النصر منافساً للهلال، وبالتالي فإن وجود الهلال والنصر في مدينة الرياض لا يعني أن بينهما تنافساً بالمفهوم النصراوي.. كذلك فإن الضجيج والصراخ، واكتساح وسائل الإعلام، لا يعني أي تنافس بين الناديين اللهم إلّا خلال التسعين الدقيقة مدة المباراة، ولا يمكن الخلط بين المنافسات والديربيات كلقاءات الهلال والشباب، والشباب والنصر مثلاً. فلو أنهم (أصلحنا الله وإياهم) تحرروا من ذلك الشعور الذي هو أشبه بالحمل الكاذب لوفروا على أنفسهم تلك المتاعب النفسية التي لا داعي لها كونها نتاج أوهام وخرافات. خلال حلقة برنامج (الديوانية) الذي يبث من قناتنا العزيزة مساء يوم الأربعاء الماضي، أي الليلة التي تسبق لقاء منتخبنا بنظيره السنغافوري، وبدلاً من أن يتركز الحديث على ذلك اللقاء الهام للأخضر، إلّا أن الحضور من النصراويين الذين كانوا يشكلون ليلتها ثلاثة أرباع الموجودين قد تركزت اهتماماتهم في الإسقاط على الهلال، ولا سيّما من قِبل ذلك الزميل الذي يتمتع بلياقةٍ كلاميّة خرافية تذكرني بلياقة النجم (شايع شراحيلي) عندما كان يلعب للعالمي، ذلك الزميل الذي بمقدوره الاسترسال في الكلام لمدة أربع وعشرين ساعة متواصلة دون انقطاع (ما شاء الله). وفي حلقة الليلة التالية - أي ليلة فوز المنتخب - وعلى الرغم من أن نجوم الهلال الأربعة الذين أدّوا المباراة كأساسيين كانوا يمثلون أكثر من ثلثيّ المنتخب على أساس (إحدى عشر لاعباً) والخامس احتياطياً، ومع ذلك انبرى ذلك (البوق) كالعادة لمهاجمة الهلال ونجوم الهلال المصابين، متسائلاً لماذا لا يلعبون ومشككاً في إصاباتهم وملمحاً إلى أن هناك تنسيق ما في سبيل تفريغهم للمهمة الآسيوية.. ومع ذلك أنا على يقين من أنها لو لم تداهم الإصابات نجوم الهلال الكبار وانضمامهم بالتالي إلى الستة الموجودين حالياً لتمثيل المنتخب، لقامت قيامة ذلك (المتحذلق) ولملأ هو وأقرانه (الصفر) الأجواء صراخاً وضجيجاً وعويلاً بحجة أن لاعبيّ الهلال يشكلون النسبة الأعلى في المنتخب، (يعني لا كذا عاجب ولا كذا عاجب)؟!. لهذا أقول: زدهم غماً وكآبة أيها (الزعيم) طالما هم يبحثون عن ذلك.