عين اليوم - السعودية من يملك ذاكرة جيدة سيعي المشهد جيدا، وسيتمكن من ترتيب قطع اللوحة المبعثرة، ومشاهدة الصورة مكتملة وواضحة، ويتأكد من الحقيقة التي تقول أن الشريحة العظمى من إعلام النصر وجمهوره هم أكثر من شكك ويشكك في لجان اتحاد القدم وفي قرارات اللجان وتشكيلة المنتخب وتغييرات مدرب المنتخب ولون أطقم تدريب المنتخب، وكل شيء يتحول دائما في نظر أولئك إلى قصة مظلومية جديدة، وحلقة في مسلسل دلال الهلال، امتدادا لنظريتهم القديمة التي لُقّنوا إياها في مدرج النصر وعبر خطابه الرسمي والشرفي والإعلامي الممتد لعقود، حتى صار طبعاً وسلوكاً لا يمكن أن تتخيل هذا الإعلام وهذا المدرج دون أن يمارسه باحترافية، بل يطوره ويبتكر في أساليبه دائما بشكل يثير العجب والدهشة. نادي الحكومة ونادي الدلال والمنتخب الكحلي ومنتخب الهلال، كلها شعارات خرجت من مدرج النصر وإعلامه في زمن كان النصر يعجز فيه عن مجاراة الهلال داخل الملعب وفي ميادين البطولات وتشريف الوطن ودعمه بالنجوم، وكان الهدف في البداية هو التقليل من تفوق الهلال الواضح والجلي ومحاولة الهروب بهذه التخيلات من الحقيقة المرة التي كان سيصعب التعايش معها طيلة هذه السنوات دون اختراع خيالات يتم بها تشويه صورة الهلال وتبرير فشل النصر، وكان من المفترض أن تخف مثل هذه التخيلات والتشنجات مع عودة النصر للبطولات بعد غياب طويل، وتدهور أوضاع الهلال داخل الملعب وخارجه، إلا أن تلك التخيلات وتلك اللغة المتشنجة والنظرة المضطربة والمشككة في كل شيء استمرت وزادت ووضح ذلك جلياً من خلال تعاطي جل إعلاميي وجماهير النصر مع مشاركة المنتخب السعودي في كأس آسيا الأخيرة، ويكفي أن تتابع في (تويتر) بعض من يعدهم النصراويون (خيرة) إعلامييهم، وترى كيف تعاطوا مع كل أحداث وتفاصيل المشاركة منذ التعاقد مع كوزمين ثم إعلان القائمة وفيها غالب (ذو الجبيرة)، ثم حادثة الشمراني والمشجع وكيف تعاطفوا مع الشاتم واكتفوا بتجريم اللاعب، ثم إعلان إصابة الشمراني وعودته وكيف تحولوا إلى مختصين بالإصابات الرياضية لمجرد التشكيك بالإصابة، فخسارة المنتخب من الصين وما تلاها من شماتة وسخرية، وبعدها مشاجرة هزازي والسهلاوي وكيف حاولوا تجاهلها وتهوينها باسم الوطنية التي سبق وأن غيبوها في حادثة الشمراني، وكيف تناولوا الفوز الكبير على كوريا الشمالية ومحاولة جعل السهلاوي صانع الانتصار الأوحد وتجاهل بقية زملائه، وكيف انقلبوا على أعقابهم وعادوا إلى نغمة (منتخب الهلال) بعد الخسارة من أوزبكستان والخروج من الدور الأول، كل شيء وكل حدث وكل التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة تدور عندهم في فلك الطعن في الهلال وإبراز مظلومية النصر. ذاكرة جيدة نوعا ما مع جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب ستكشف لكل من يريد الحقيقة من هو أكثر إعلام ومدرج روج ولازال يروج لنظرية المؤامرة فيما يتعلق بلجان اتحاد القدم وشكك ولازال يشكك في انحياز كل لجنة ومسؤول لنادي الهلال، حتى وإن كان الهلال هو الأكثر تضررا من قرارات القيادات الرياضية ولجان اتحاد القدم المتعاقبة، بل هو أكثر من دفع فاتورة دعم المنتخب باللاعبين والمدربين حتى ولو كان على حساب نتائج الفريق وحظوظه في المنافسات المحلية والمشاركات الخارجية، وهذا وإن كان واجباً يؤديه الابن البار لرياضة الوطن، إلا أنه كان ولازال يجازى بالأذى والتشكيك والطعن في الذمم وملاحقة لاعبيه بحملات إعلامية منظمة ومدعومة، واستطاع الإعلام النصراوي والمدرج الأصفر مستعيناً ببعض التحالفات الإعلامية والجماهيرية اللاهلالية أن يجعل الهلال والهلاليين دائماً في موضع ضغط واتهام وتشكيك، حتى فشل المنتخب أصبح وسيلة للطعن في الهلال ولاعبيه، بدلا من مناقشة الأسباب الحقيقية للفشل، والبحث عن السبل الأنجح لاستعادة أمجاد الأخضر، وإنقاذ رياضة الوطن. أعترف أن هذا الإزعاج الأصفر، ونظرية المؤامرة، وإسطوانة المظلومية المشروخة، جعلني أفكر بما يمكن أن يجعل العقل الأصفر يتوقف عن التفكير في الهلال، ويبدأ التفكير في اتجاهات أخرى أكثر جدوى وأقل ضجيجاً، وكيف يمكن أن نشجع المنتخب يوماً ما دون أن يغطي هذا الصراخ الأصفر المتواصل على صوت العقل والمنطق، ودون أن يخدش عاطفة ومشاعر الجماهير تجاه رياضة الوطن ومنتخب الوطن، ولا أنكر أني صرت أتمنى أن يتسلم النصراويون رسمياً مسؤولية المنتخب وإدارته وتشكيله وضم من يريدون وإبعاد من لا يرغبون، لعلهم (يسكتون)، خاصة أن عودة النصر للمنافسة والحصول على البطولات الكبرى بعد غياب، لم يكن أمراً كافياً لتخفيض حالة التشنج التي خلقها النصراويون ورسخوها في رياضتنا وإعلامنا الرياضي.