عندما نستحضر التاريخ فإننا لا نقرأه فقط.. إنما نتكئ على مرتكزاته العظيمة وتسلسل المنجزات الوطنية الكبيرة في كل مراحله. 89 عاماً مضت على تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- لم تكن مراحل التأسيس سهلة، ولا مراحل البناء بعدها يسيرةً، ولا ما تحقق خلال كل ذلك بسيطاً. إن من يقرأ مسيرة النهضة السعودية، يقف متأملاً لحجم المنجز العظيم الذي تحقق والسباق المحموم مع الزمن، لا بد له أن يدرك أن قادة عظماء وقفوا وراءه وأمة عظيمة أنجزته، إذا ما قسناه بمقياس الأمم المتقدمة على مستوى العالم. 89 عاماً كنّا قبلها شتاتاً يتوفر له الحد الأدنى من مقومات العيش القادر على ماكبة الأمم الأخرى، واليوم نحن ضمن أقوى 20 اقتصاداً عالمياً. كانت الكهرباء فكرة، أو حلمًا، بدأ صغيراً كعادة الأشياء، تضافرت جهود مجموعة من الأهالي لتوفير الحد الأدنى منها ولساعات بسيطة بعد مغرب كل يوم، كما حدث في كل دول العالم، لكن الهمة العالية والطموح اللامحدود للملك المؤسس -رحمه الله-، لم يصبر على ذلك طويلاً، وسرعان ما استقطب الخبرات وجمع العقول والأموال لتبدأ رحلة الضوء في بلد أشبه ما يكون بقارة، واليوم تضيء الكهرباء أكثر من 13 ألف مدينة وقرية وهجرة بطول البلاد وعرضها، لأكثر من 9.5 مليون مشترك. كانت الشركات الأهلية التي بدأت خلال مرحلة التأسيس، ثم تحولت إلى مؤسسة عامة، هي ما توحدت لتصبح الكيان الأكبر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبدلاً من الأعداد القليلة من الأجانب الذين استقدموا لتركيب أول ماكينة كهرباء، تضم الشركة أكثر من 35 ألف موظف 92 في المئة منهم سعوديون مؤهلون تأهيلاً عالياً وفق أرقى المعايير العالمية، وتفرعت منها شركات عملاقة في مجالات النقل والتوليد وخدمات النطاق العريض. 89 عاماً هي عمر قصير في مقياس تقدم الحضارات والأمم والشعوب، لم نختصرها فحسب، ولكننا سبقنا بها الزمن نحو المستقبل، ولا يخفى على أي متابع منصف، أننا بالفعل نعيش في زمن رؤية المملكة 2030 ليس حلماً، وإنما واقع قرأناه وطبقناه قبل أن يصل بنا الزمن إليه، وكل هذا تحقق بفضل الله ثم بفضل الرؤية الحكيمة من لدن خادم الحرمين الشريفين، ومهندس الرؤية ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله. في الاحتفال بيومك الوطني التاسع والثمانين، كل عام وأنت بألف خير يا وطننا الكريم. ** **