قبل قُرابة شهر، تحديدًا في الثامن من أغسطس العام الحالي، استعرض مركز «الدراسات الدولية والإستراتيجية»، احتمالية أن تَتَعرَّض محطة بقيق لما حدث من خلال طائرات بدون طيار أو صواريخ بالستيَّة ذات خصائص معينة، ومتناولاً كذلك -أي المركز- كافةَ المعطيات الإستراتيجية التي تقود إلى ذلك، بعد أنَّ أكَّد في سياق حديثه أنَّ «منظومة الدفاع» في المملكة ورغم تطورها لن تستطيع ردع جميع تلكم التهديدات لأسباب عِدة رغم تطور منظومتها الدفاعية. وأيضًا قبل قُرابة الأسبوعين عقد مركز «RUSI» العريق لقاءً مع وزير الدفاع الأمريكي عن مستقبل الأمن في منطقة الشرق الأوسط، خاصةً في منطقة الخليج، مستعرضًا هذا الوزير خلال اللقاء التهديدات التي تواجهها منطقة الخليج والأساليب الأمنية التي يجب أن تعتمدها ومصير منظومة مجلس التعاون الخليجي ككل أمام التهديدات الإيرانية، علاوةً على حضور لاعبين إقليميين كبار في المشهد أمثال الصين وروسيا. وقبل ثلاثة أشهر أيضًا تناول «المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية» قضايا الأمن السيبراني في منطقة الخليج ونوعية التهديدات التي من الممكن أن تقوم بها جماعات موالية لإيران. وحقيقة الأمر أنَّ الشواهد كثيرة التي يُمكن أن توضح قُدرة مراكز الدراسات الرصينة على استشراف المستقبل بكافة أبعاده على المستوى العسكري والأمني، أو على المستوى السياسي والاستشرافي؛ إلاَّ أنَّ الملاحظ هو عدم وجود مرصد وطني يقوم بمتابعتها بعد تحديد درجة الأهمية والشفافية، وبعد إنشاء قائمة حقيقية بأهمِّ مراكز الدراسات، وبعد تدويرها على الجهات ذات العلاقة، بدلاً من الاهتمام بما يصدر عن الصحف المحلية أو الأجنبية. إنَّ مراكز الدراسات هذه لا يمكن الاستهانة إطلاقًا بما تنتجه، إذ ثمة نبواءات تُطلقها بين حين وآخر، نبواءات صادقة ولا تقبل التأويل.