روى الخمسة عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن - في قنوت الوتر - (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت) وزيادة في - قنوت الوتر - شاذة حيث روى الحديث شعبة عن بريدة بن أبي مريم ولم يذكر القنوت ولا الوتر، وإنما بلفظ (كان يعلمنا هذا الدعاء) وشعبة أوثق من كل من رواه عن بريدة كأبي إسحاق، وابنه يونس، ولهذا طعن في هذه الزيادة ابن خزيمة، وعلى هذا لا يكون هذا الدعاء مختصاً بالقنوت. وزاد الطبراني والبيهقي (ولا يعز من عاديت) وهي أيضاً شاذة، تفرد بها عمرو بن مرزوق عن جميع من رووه عن شعبة، وزاد النسائي من وجه آخر في آخره (وصلى الله على النبي). وهذه الزيادة ضعيفة، فيها عبد الله بن علي، لا يعرف، وإن كان هو عبد الله بن علي بن الحسين بن علي، يكون الإسناد منقطعاً، وللبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح. وفِي سنده ابن هرمز، وهو ضعيف: شيخ مجهول، واسمه عند الأكثر: عبد الرحمن، وليس هو الأعرج الثقة المشهور، قال ابن خزيمة: ولست احفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر. وقال الحافظ في التلخيص: قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولكن عمر كان يقنت)، وعلى هذا هل يشرع متابعة الشافعية في قنوت الفجر، وكذا من يقنت في رمضان، فالجواب: نعم، لأن هذا القنوت وإن لم يثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، إلا أنه موضع دعاء، ولهذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء بعد الرفع من الركوع في صلاة الفرض في قنوت النوازل، ففي حديث أنس بن مالك في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه) وقوله (ثم تركه) لا يدل على النسخ، وإنما فعله فترة ثم ترك ذلك الفعل. وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعاء على قوم) وصححه ابن خزيمة. وابن عبد الهادي، والألباني، وهذا يدل على مشروعية القنوت عند حصول النوازل، ولكنه لا يدل على تحريم القنوت في غير النوازل، لأنه موضع دعاء، نظير الدعاء بين السجدتين، مع أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء في ذلك الموضع إلا (اللهم اغفر لي). ويجوز الدعاء بغيره، لأن الموضع موضع دعاء، وكذا الدعاء في الركوع والسجود بغير ما ورد. لأنه موضع دعاء، مع أن الأفضل في الركوع تعظيم الرب، وفِي السجود الدعاء. فكذا ههنا في القنوت في الصلاة بعد الركعة الأخيرة، الأفضل ألا يفعل إلا في قنوت النوازل، ويجوز في غير النوازل الدعاء في ذلك الموضع، ولهذا كان عمر يقنت كما سبق، والله تعالى أعلم. ** ** د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة جامعة أم القرى