«سوق عكاظ»، و»المهرجان الوطني للتراث»، ولعل معهما في بعض جوانب «معارض الكتب»، ومناشط جمعية الثقافة بفروعها، والأندية الأدبية بانتشارها، كل هذه مناسبات، ومناشط ثقافية وطنية، باعثة لشغف الاستلهام، محفزة لكمون المختزَن، وظهور المستَجد، واجهة وضيئة لكثير من المجهول عنَّا بدءًا بأنفسنا، وكاشفة لما تفضي به العناصر المبدعة على صعد الفكر، والفنون، والآداب، والثقافة، التي يجهل عنها عامة أفراد المجتمع.. ولأنها تلتقي في أهدافها، فهي نجع أخضر بثمر العقول، وصحف المثول، وسرد الرواة، وبصمات المشاة على أديم هذا الوطن.. وإن الآثار التي تحيي ذكرها، والتي تضيئ عنها، والنتائج التي تحصدها بما تضطلع به مناشطها من شأنه رفد ثقافة الفرد في مجالاتها وبلورة معلوماته، والكشف له عما يتم داخل أروقتها، ومنصاتها، ومسارحها، ومنابرها، ومطبوعاتها، وربما مكتباتها.. فآثرها لا بد له من التوسع، والانتشار، وتركيزًا بين فئات المجتمع باختلافهم لتكون لأهدافها مكاسبها في التأثير، والتنوير، والتثقيف، وبواعثها، ومحفزاتها لمزيد من الإنتاج، والإنجاز الثقافي، والفني، والأدبي، والفكري، بل النقدي، والتوثيقي، والبحثي، وفي ذلك ما يشعل الحركة الثقافية، والفكرية، والإنتاجية على مستوى المواهب الكامنة، والأذهان المغتربة، والنفوس الشغوفة.. ولا يتحقق لها المكاسب المستديمة إلا حين لا يغفل هدف تأثيرها في الجميع، وذلك بالعناية بما تتضمنه من منتج ثقافي، وفكري، وفني، تراثي، ومعاصر جميع هذه المناشط، وتلك المؤسسات المختلفة.. ولعل تعدد السبل، والوسائل لتحقيق هذه الغاية يكون بأن يجعل من هذا المضمون طحينا لعجين الجسور بين منجزها، وبين كل الأفراد بدءًا من طلبة المدارس، قبل أن تكون واجهة عند من هم خارج الأسوار، ولأن شرائح كثيرة بل غالبة في المجتمع لا تطلع على ما تقدمه هذه «المهرجانات»، «والنوادي»، و»المعارض»، و»الجمعيات»، فإن محاولة إجراء استجواب لما يعرفه الصغار، والناشئة على سبيل المثال عن التراث الفكري، والتاريخي، والمعرفي، والأدبي الذي تتضمنه في برامجها من جانب، إضافة إلى نأيهم عن المنجز المعاصر الذي تقدمه في هذه المجالات فإن النتائج لهذا الاستجواب ستكون سالبة للغاية، أما من يجيب بالإيجاب فإنها القلة من تولي عنايتها الشخصية بما تتضمنه هذه المناسبات الثقافية، والتراثية، إضافة إلى ما تتضمنه حديثًا من وسائل اتصال، وتقنيات فنية، وقوالب منصات مختلفة تناسب كل مضمون فيها، وتلتقي بتنفيذ أهدافه، والتي هي جسر تواصل، وعرض، ووعاء متطور لتقديم المعرفة، والمعلومة، وبصمة الموروث، وصوت الحضور، ونماذج المثول.. هذا الفعل الثقافي الشامل لهذه المناشط يليق أن تتطور أهدافه، وآلياته، ومنافذه، ومؤثراته، وإستراتيجياته، ووسائل تنفيذه لتؤثر، وتفيض بكل زخم سواء الموروث من الماضي، أو المولود في الحاضر باختلاف أشكاله، وأوعيته، ليتحقق هدف وصوله إلى كل فئات المجتمع. لعل أن يرقى مستوى ثقافة كل الأفراد..