** في كتاب: (ضفاف النص) الصادر عن نادي الطائف الأدبي عام 2011 وضمن محور (قراءات في الأدب الروسي.. حمل الفصل الثاني عنوان: (دستويفسكي... عذابات ميلاد جديد).. وقد وضعت له مقدمة أو تعريف يلخص المعنى الذي سوف أذهب إليه كتفسير نهائي للبعد الرمزي.. ولا أقول (البعد الفلسفي) الذي يكرس مفهوم (قتل الأب) الذي لم أكن أؤمن به كمفهوم ل(التمرد) وكنت ومازلت أتبنى مفاهيم الفيلسوف الفرنسي البير كامو حول (الإنسان المتمرد).. ومازلت أرى أن مفهوم (قتل الأب) يأتي في سياق البحث عن بديل (قبلي وديني) نجد خير تجسيد له في القرآن الكريم: - {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ}. وقوله تعالى: {وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ}. وقوله تعالى: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا}. أي إن هذا المسار الديني لم يحول إلابعد أن تبنى سيغموند فرويد مهمة تحليل أطروحات دستويفسكي في رواية (الإخوة كرامازوف) وفترة ازدهار التحليل النفسي منذ عام 1800 اونحوها، أما المفهوم الثوري الشامل فهو وليد أطروحات الفكر الماركسي بشكل عام.. وفي الطرح الفلسفي الذي قال به البير كامو الذي ارتكز على (ثورات العبيد)كشرارة أولى للتمرد. وبالعودة للجزء الذي اقتطعته من دستويفسكي الذي صنفه الصديق الأستاذ علي الشدوي في سياق مفهوم (قتل الأب).. فمن المهم أن أعيد سرده في المساحة المتبقية للمقال.. حيث يقول دستويفسكي على لسان فيتوكوفيتش الابن غير الشرعي للأب كرامازوف: - (إن المراهق لابد أن يشعر باضطراب كبير وحيرة شديدة حين يرى أباه دنيئاً منحطاً، ولاسيما حين يقارن سلوك أبيه بسلوك آباء أولاد آخرين هم رفاقه.. فيلاحظ ما بين السلوكين من تضاد وتناقض.. قد يقال له عندئذ- على ما جرت العادة المألوفة المبتذلة (لقد وهب لك الحياة بعد إرادة الله وأنت من دمه فعليك أن تحبه). لكن الفتى سيتساءل - على غير إرادة منه.. (هل كان يحبني حين وهب لي الحياة... إنه لم يهب لي الحياة حباً بي (...) قد تجدون هذا التفكير فظاً قاسياً. لكن ليتقدم الابن ويسأل أباه: (قل يا أبي لماذا يجب أن أحبك).؟! فإذا كان الأب قادراً على أن يبرهن على أن من واجب ابنه أن يحبه كنا بصدد أسرة طبيعية حقا.. وإذا عجز عن الإتيان بالبرهان... لم يعد من حق الأب أن يتصرف تصرف أب. ويصبح من حق الابن أن ينظر إلى أبيه نظرته إلى غريب). يكاد يكون هذا هو ملخص مفهوم قتل الأب.. وهذا المفهوم لا يجسد المعنى الذي ذهبت إليه في الكتابة عن دستويفسكي.. ولا علاقة له بفكرة (عذابات ميلاد جديد).