من شاطئ الحروف امتطيت مركبي، وفي بحر الشعر ركب الأمواج زورقي، ومن مجدافي الرواية شق الطريق وتاه بين جحافل الكلم والمفردات ساعة يشرّق وأخرى يغرب.. والبحر حوله بالموج المتلاطم يبعده حيناً وحيناً يقرب. لم يصيّرني غامضةً مضمرةً خفيّة بل كنور الشمس واضحة جليّة.. بمعالم كلها نقية.. فالبساطة جعبتي والأناقة تحفتي.. أرسم الذوق لوحة مزركشة بهية.. لمن أبقاني في رحاب الشعر والبيان ثرية.. أتمنى عندها ألا أستفيق من حلم رحلة بحرية تقذفني كل حين لشواطئ صخرية.. فأجوب السهول التي تجتذبني لكثبان رملية.. أتدحرج على إيقاعات نسجها فأسرح في رحلة برية.. يلفح وجنتي حرارة العواطف الصحراوية.. ويصطحبني ذاك الفارس المغوار بشخصية عنجهية, يسطر المجد والشعر دروباً من الفن والشجاعة العربية. هناك يزهو بنخوة ولطف ترتقي بمعسول الحروف الشجية.. تشاطره فاتحة الجمال من بهية البيان والمقال ندية.. ليتدفق نهر العبارة من ينابيع الثلج التي في قمة الجبال العلية.. ويغزل لها من خيوط الشمس أحلاماً وأمنيات ذهبية.. وينسج لها من الورود ونفح الرياحين أعذب وأرقّ تحية.. ليجعل نهارها متوهجاً بدفء الشموس التي تشع من روحها النقية. تسلم يمناه بما خطت.. والروح التي أنعشت والأنفاس التي تسامت بالحرف العذب الرزين, فلا يضجر الظمآن من سلسبيل العذوبة التي تتدفق من ينابيع البيان.. بل يتمنى أن يتوه بجنة أرضية ليتعلق بشعاع الضوء نهاراً ويتتبع حبل الندى الواهن في كل مَسويّة.. ويبحث عن مخبأ العطر المستتر في رحلة لا نهاية لها من محض الجمال الأبدية. يقول لها: لا تنزعجي إذا قلت لك: اهطلي عليّ مطراً ندياً.. فأنا سأسعد بكل ما تغزلين من مفاتن الحروف.. والكلمات الشاعرية. يقول: دعيني أقتات الشعر.. والمشاعر؛ يا صديقة ما حلّق بي وارتقى من أبجدية..!. ** **