القطيعة وأكل الحرام * لقد كثرت القطيعة بين الناس كما كثر أكل الحرام والتعامل بالربا، ما قولكم فضيلة الشيخ وما وصيتكم لإخوانكم المسلمين تجاه مثل هذه المنكرات؟ - قطيعة الرحم من عظائم الأمور، جاء فيها الوعيد الشديد في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} نسأل الله العافية، فعلى القاطع لرحمه أن يتوب إلى الله - جلّ وعلا - ويصل رحمه. وفي الحديث المرفوع: «من سرّه أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه»، وفي السنّة أحاديث كثيرة فيها الأمر والتأكيد على صلة الرحم، وفيها أيضًا التشديد والوعيد الأكيد على قطيعتها، وأما بالنسبة لأكل الحرام والتعامل بالربا فالربا أيضًا من عظائم الأمور ومن كبائرها، وهو حرب لله ورسوله، قال تعالى: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} ومن يقوى على مثل هذا؟! وأكل الحرام كبيع ما حرَّم الله - جلّ وعلا - أو السرقات أو الغُصُوب، أو غير ذلك مما حرّمه الله جلّ وعلا - نسأل الله العافية - يترتب عليه الإثم والعذاب، وأيضًا تكون فيه المقاصّة كما جاء في حديث المفلس، وهو في صحيح مسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتدرون من المفلس قالوا: يا رسول الله المفلس من لا درهم له ولا متاع»، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المفلس من يأتي بأعمال كثيرة» وفي رواية: «كالجبال من صلاة وصدقة وصيام وحج وجهاد وصلة وغيرها، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار» نسأل الله العافية، ثم أيضًا أكل الحرام من موانع إجابة الدعاء، فالنبي - عليه الصلاة والسلام - ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟! مع أنّ الأسباب مبذولة، أشعث أغبر، هذا أقرب إلى انكسار القلب، ومسافر، والمسافر له دعوة مستجابة، ويمد يديه، ورفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، ويكرر يا رب يا رب، وكل هذه أسباب لإجابة الدعاء، فالعلماء يقولون: من كرر يا رب يا رب خمس مرات فحريٌ أن يستجاب له استدلالاً بما جاء في آخر سورة آل عمران، فهذه كلها أسباب لكن وجد المانع: مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنّى يستجاب له؟! استبعاد، فعلى الإنسان أن يتقي الله - جلّ وعلا - وأن يطيب مطعمه،كما سأل سع-رضي الله عنه - النبيَّ - عليه الصلاة والسلام - حيث قال له: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. قال: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة».