الاشتباكات العسكرية بين إسرائيل من جهة وحركتي حماس والجهاد الإسلامي من الجهة الأخرى انتهت باتفاق تهدئة، وليس اتفاقا كاملا بين الطرفين. هذه الحركتان تحكمان قطاع غزة بالحديد والنار بلا منازع. وهما حركتان متأسلمتان بامتياز، تدينان بالولاء الكامل لملالي الفرس، مثل حزب الله الشيعي في لبنان؛ الفرق أن تلك الحركتين يزعمان بأنهما سنيتان، بينما أن حزب الله على المذهب الشيعي الجعفري؛ بمعنى أدق أن حزب الله متماهي مذهبيا مع ملالي الفرس، في حين أن تلك الحركتين مرائيتان من حيث العقيدة؛ أو أن الإسلام في قواميسهما لا يهتم بالعقيدة، بل يهتم كل الاهتمام بالتوجهات الحركية السياسية ومن يدفع أكثر. حماس والجهاد الإسلامي تمولهما إيران بالمال والعتاد، لذلك فهما طوع بنان الملالي في طهران، يتصرفون بهما كما يتصرف رب العمل بأُجرائه، لذلك فإن قصف هاتان الحركتان لإسرائيل مع نهاية شهر شعبان الماضي، وبداية شهر رمضان الحالي، ورد الفعل العنيف والمدمر والدموي من قبل إسرائيل، يصب حصراً في مصلحة إيران التي تئن من الحصار، وتريد أن تؤلب وتستنهض عواطف المسلمين ضد أمريكا وإسرائيل في شهر رمضان، أما الذي يدفع الثمن غاليا فليس سوى الفلسطينيين في غزة. وكل من رصد رد فعل الغرب عموما فإنه سيرى أنهم يُحملون مسؤولية الاشتباك بين الطرفين لحماس والجهاد؛ حتى الأمين العام للأمم المتحدة أيضا حمل الحركتين المتأسلمتين المسؤولية، ولم يقف معهما إلا بعض العرب لأسباب قومية، وكذلك تركيا التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا استثمرتها (شعبويا)، وبطريقة ممجوجة تثير الاشمئزاز. وكان ملالي الفرس قد لمحوا بعد الحصار الأمريكي الخانق لإيران أنهم سيستهدفون المصالح الأمريكية في غرب آسيا، ولأنهم أضعف وكذلك أجبن من أن يستهدفونها مباشرة كلفوا أذنابهم في فلسطين ليقوموا بالوكالة عنهم بالمهمة، وكلنا نعلم يقينا لا يخالجه أي شكوك، بمن فيهم حركة فتح التي شجبت القصف الإسرائيلي، أن الغزيين ليسو سوى ضحايا يذبحهم الحمساويون والجهاديون في المعبد الفارسي، وبسكاكين إسرائيلية. المتأسلمون الفلسطينيون لا يهمهم إلا السلطة والمال، وليس المخلوع حسن البشير إلا صورة من أولئك الذين يتاجرون بالدين، وأجزم أن الغزيين لو ثاروا على هؤلاء المتأسلمين الأفاكين كما ثار السودانيون، وداهموا منازلهم، سيجدون لديهم ما وجده السودانيين في بيت البشير من ملايين بمختلف العملات، فقد اكتشف المسيسون وطلاب السلطة في كل بلاد العرب أن أفضل طريق لاستقطاب الأتباع والأنصار أن تتظاهر بالدين، وتمتطي الشريعة الإسلامية لتحقيق أهدافك، والأمثلة التاريخية في الماضي والحاضر المعاصر أكثر من أن تحصى. كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة إن متأسلمي غزة في عمليتهم الأخيرة ضد إسرائيل يُنفذون ما تمليه عليهم إيران، ولا يهمهم في سبيل ذلك أي ثمن مهما كان باهظاً، حتى ولو دمرت إسرائيل بيوت الشعب الفلسطيني على رؤوسهم، فالمتأسلم ليس إلا (مُرائي) ومنافق خبيث، فهو في الأعراف الفارسية مجرد آلة طيعة تعرف إيران كيف بها تخدع الشعوب العربية وتضللهم، بينما أن المستفيد الأخير هم الإيرانيون. وعلى أية حال فإن إيران، مهما وظفت وكلاءها المتأسلمين، فلن ينقذوها من الحصار والعقوبات الأمريكية، فالنتيجة التي سينتهي بها صراعهم مع الولاياتالمتحدة إما الخنوع والخضوع راغمين غير مختارين للشروط الأمريكية، وإلا فمصيرهم سينتهي بوضع أشبه ما يكون بما يجري الآن في السودان والجزائر، وإن غداً لناظره قريب. إلى اللقاء