هبةٌ إلهيةٌ باذخة القيمة هذه الصباحات، المفعمة بالاقتراب الأسمى، والخضوع الأدنى، والثقة المطمئنة، واليقين المستقر، واللجوء المستمر، تحت سماء تركض في مداها الروح، وفوق أرض يُتوخَّى في دورتها النزوح.. هذه الصباحات، ببلل المطر، وزخم الخضرة، وزقزقة العصافير، ونسائم الربيع، وتبادل المواسم، المبتهجة بحضور الطيوف النقية، والكلمات الشجية، والنفوس الطيبة، والأخبار المسِرَّة هبة باذخة العطاء.. هذه الصباحات، طرْقٌ مُوقظٌ عن غفوة عابرة، أو سادرة، أو غادرة.. وهي سِندانٌ يشدُّ عن السهو، واللهو، ويمدُّ بالعهد، والوعد.. هي مَفرقٌ بين ليلِ تفكيرٍ، ونهارِ تدبيرٍ.. هذه الصباحات، لو يعلم الإنسان علماً حقاً لأقام لها المحافل، ولقدَّر لها المنازل، ولخصَّها بوعيه، وانتهزها بملكاته.. فهي البكورُ نهجُ الحبور.. وهي البدءُ نجعُ العزم.. وهي الثَّغر فاتحة ُ الطريق، ناصيةُ البوصلة.. هذه الصباحات، نعمة بين عينيك يا إنسان.. فلا تجعلها في خانة النسيان!!..