إذا كان شهر مارس يمثل بداية اعتدال الجو و انحسار حدة البرد ، و إقبال فصل الربيع ، فإنه بالنسبة للمثقفين و المهتمين يمثل ربيع العقل و الخيال و الوجدان .فنحن نعيش موسما جميلا نتنفس فيه الفكر و نشم ربيع الأدب و الإبداع .إن معرض الرياض الدولي للكتاب فرصة رائعة و مهرجان موسمي نحتفي و نحتفل بكل ما هو جديد في عالم الفكر و الأدب .لقد رحلت إلى القاهرة و إلى عمًان و إلى المغرب و إلى الكويت و إلى الدار البيضاء بحثا عن الجديد في عالم المعرفة .و حينما أصبح معرض الرياض الدولي جزءا من منظومة المعارض الدولية اكتفينا به عن غيره ، و غدا الكتاب يسعى إلينا بدل أن نسعى إليه . و إننا إذ نعيش هذه الأجواء الثرية و الجميلة نذكر الذين سنوا هذه السنة الحسنة ، و هما معالي وزير الثقافة و الإعلام الأسبق الأستاذ إياد مدني و وكيله المثقف و المسؤول المميز سعادة الدكتور عبد العزيز السبيل . فلهما جزيل الشكر على ما قدماه للثقافة و الكتاب . أيام ربيع القلب و الوجدان أيام محدودة ، فهي لا تتعدى عادة عشرة أيام ، لكنها أيام ثرية ، يكون فيها حضور الفكر و الإبداع مكثفا و باذخا ، في هذه الأيام تكف الذات عن الفعل و الإنسان يتوقف عن الكلام ، إنه منشغل بالإنصات إلى الكتاب ، الكتاب هو سيد الحضور ، و ما على الإنسان إلا أن يصغي لبوحه ، الكتاب هو الذي يكلمنا .. يعلمنا .. يثرينا و يثيرنا ..و ربما يستفزنا .الكتاب في المعرض هو كل ما هنالك ، هو الفكرة .. هو الثقافة .. هو المعرفة .. هو الإبداع .. هو الشعور .. هو الوجدان . إن الكتب أيقونات لعقول متوافقة . أو متخالفة لكنها مصطفة ترحب بالقادم الذي جاء لكي يصغي لها .الكتاب في معرض الكتاب هو الذي يرفع مؤلفه إلى مقام الصدارة ، يجعله حاضرا بعقله أو بقلبه .إن المثقف الذي يتجول في معارض الكتاب يتحول إلى مزيج غير منسجم ، فهو كالذي يتجول في روضة غناء تتنوع فيها النباتات و الورود و الزهور ، فيشم فيها مختلف الروائح و يتذوق فيها صنوف الطعوم. ** **