نعيشُ هذه الأيام في ربيعِ الثقافةِ والمعرفة نتطلعُ إلى كيفية تغذية العقول وبماذا تغذى؟! ومن هنا تكمنُ ثقافةُ الفردِ الحقيقية حينما تتسِمُ تطلعاته لنفسه ببناء برجٍ ثقافي له بقراءةِ الكتاب وهو العنوان الذي ينمُّ عن ثقافةِ المُجتمع. فالكتاب مصدراً للعلم والمعرفة ووعاءً لتغذية العقل والفكر، فرقي الأمم وتقدم حضارتها هو بوجود ذلك الكتاب بين أيدي أفراده في زمنٍ قد بات الكتابُ الورقي في غياهِب الجُّبِ عند البعض عندما تَصَدّرَ وأخذَ الكتابُ الألكتروني ينتشرُ استدراكاً من البعض أنه بات يُغنيهم ويُشبِع فكرهم الثقافي الجائع وسهولة الحصولِ على المفردةِ المطلوبة قد لانختلفُ في ذلك حتماً ولكن قد لاتُغني قريحة القارىء إلا بذلك التواصل الفكري بينه وبين مفردات ومحتوى الكتاب الورقي . وهاهي الرياض اليوم عاصمة الوطن الحبيب تحتضنُ مهرجانها الثقافي الصاعد وهو ( معرض الرياض الدولي للكتاب) وقد أذِنَ بأن يُرفَعُ سِتارُ البدء في أروقة ذلك المهرجان ليبدأَ الحِراكُ الثقافي منشوداً بوجود المثقفين وعُشاقُ القراءة بين مساراتِ ودروبِ أرفف الكتب . واليوم بات ذلك المعرض محطةُ إلتقاءٍ للثقافات العربية والدولية وفرصةً حقيقية لتلاقي الأفكار وتبادلها مصوراً بذلك رسمةً حضارية وثقافية للوطن مستقطباً ثقافة البُلدان الأخرى ليبدأ التعايشُ الثقافي والفكري بين أفراد تلك المجتمعات. لابد من أن نضع الهدف من حضور تلك المعارض ووضع استراتيجية كيف وماذا أريد أن استقطب لعقلي ، لامن أجل فراغٍ يُقضيه البعضُ بين جنباته بهدف التسلية الروحية ، لابد من الحصول على غذاء الفكر بين طيات ودفات تلك الكتب : انا من بدل بالكتب الصحابا لم أجد لي وافياً إلا الكتابا فتلك المعارضُ هي نقلةٌ سنويةٍ للفكر لابد من أستغلالها لتنوعِ مراكزها وتعدد دور الفكرِ فيها وانتشار المراكز الثقافية المختلفة مما قد يُشعل من فتيل القراءةِ للبحثِ عن المفردات والعنوان من أجل امتلاك ذلك الكتاب الذي هو فرصةٌ حقيقية من أجل تحريكُ ذلك الفكر وتجديد ثقافته والتحفيز والدعم للإبداع الثقافي الذي قد يُسهم في بناء رصيدٍ ثقافي للقارىء يتطلعُ به إلى مستقبلٍ واعد ، وهي حياةٌ ثقافية عامة ليست حكرا لفكر ولالثقافةٍ معينة ولا لسنٍ عمري عن الآخر فهي فرصةً للجميع بلااستثناء من طفلٍ يتجولُ في أجنحةِ المعرضِ الخاصِ به حتى كبيرُ السنِ من وجد بذلك التجمعُ الثقافي فرصة بأن يُعيدُ لفكره تلك الحروف المفقودة من ذكرياته المعرفية . اقتني وانتقي من تلك الكتب ما سيضيفُ لك ولذاتك وفكرك ومحيطُك وعائلتك بلا استثناء قد تجدُ منها الغثُ والسمين ومنها لا يسمنُ ولاقد يُغني قريحتك من الجوع ولكن من بينها الكنز الثمين الذي يجذبُ الفكر ليعيش من بحرِ حروفه . لابد من تعزيز ثقافة القراءة والتطوير من مستوى انتشارها من أجلِ أن نُلجِم أفواهاً قد تتكلمُ ببوقِ العاج بأننا أمةً لاتقرأ. فالشبابُ وبهذا العصرُ الحالي ومن على صعيدٍ شخصي باتت معارضُ الكتاب لها دوراّ في مهمات حياتهم قد تشغلُ من فكرهم وينسجون مع سيل المعرفةِ تطوراً لمستقبلهم . وكثيراً مانلحظُ وقد كثُرَ الحديث عنه وهو التأليف لمجرد التأليف قد لايمنعُ ذلك ولكن للعقولِ تقديراً قد يتناساه البعض إما لحصدِ الشهرة أو الجلوس على منصات التوقيع وماادراك مامنصات التوقيع التي باتت ظاهرةً قد تربك من قيمة هذا الحراك الثقافي القيم وكأن الكتب ومفرداتها باتت للترويج فقط ليس تأليفاً من أجلِ مُحاكاة تلك العقول وذوقياتها الراقية. أيامٌ وستعيشُ مدينةُ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذا الحراك الثقافي من جديد فلابد أن نعطي القراءة حقها ونَعود للانسجام الفكري بين الفرد والكتاب ؛ ونسعى إلى التطور عن السابق وليس من أجل نزهةً لا تُترجم بمكتسب ثقافي حقيقي. فوطننا له اهتمامٌ بالغ بتلك الثقافة بِدأً بولاةِ الأمر وهي تُرعى دوماً برؤية قائد النهضة والثقافة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ومن يقفُ خلف تلك الجهود المبذولة من أجل نجاح تلك المهرجانات على الصعيد الداخلي والدولي فلهم شكرٌ تعجزُ عن وصفه الكلمات . لاتتأخر عن اقتناء الكتاب اجعل لك برنامجاً ترتاد على صفحاته وتدون من مفرداته لتحيا ثقافياً وتُبني مُجتمعاً فالكتاب خير صديق فلا تلقي به في قارعة الطريق : نعم الأنيس إذا خلوت كتاب تلهو به إن خانك الأصحاب لامفشياً سراً إذا استودعته وتفاد منه حكمة وصواب ليست الكتب أكوام ورق ولكنها عقول تعيش على الأرفف فالكتاب له متعة حقيقة تجعلك تبحرُ بين دفات صفحاته وتغوصُ في أعماقِ عناوينه لتجمع أصداف فوائده وتعيش في ربيع ثقافةُ المجتمع.