جميل جدًّا أن تكون هناك محاولات لتحسين مستويات التنمية في المملكة من الجانب العمراني.. وآخرها وضع استراتيجية للنقل على مستوى المملكة. ويشمل النقل الجوي والبحري والأرضي بشقَّيْة: البنية التحتية للنقل العام (قطارات - حافلات)، والنقل الخاص (طرق معبدة بين المدن للسيارات).. ولكن هل نحن متفقون على تكاملية الأداء.. وتكاملية الاستراتيجيات؟! مفهومي ومفهوم كل من له علاقة بالتنمية العمرانية التي يلزم أن نناقشها؛ ليتقرر في ضوئها أقصى إمكانات الاستفادة المستدامة من الواقع الجغرافي لمكان المملكة، وإمكانات ومهارات السكان على المدى المنظور، وعلاقة هذا الواقع الجغرافي بما حوله من دول، وتفرده ببعض الخصائص، وتكامله مع غيره من خصائص، وأيضًا تنافسية غيره معه.. وما علاقتها بالاستراتيجية الخاصة بالتنمية العمرانية مكانيًّا وسكانيًّا وزمانيًّا التي تنعكس بالطبيعة في مجموعة من الاستراتيجيات، أولاها وأهمها استراتيجية النقل التي تعتبر دائمًا قاطرة التنمية في الداخل، ومن خلالها يتم الربط جويًّا وبحريًّا وبريًّا بالخارج. لكل استراتيجية تصوُّر لحيز زماني وبرامج زمنية وأولويات وآليات، تتواءم مع غيرها لتتكامل جميعًا في منظومة واحدة من أجل التنمية العمرانية الشاملة.. من أجل رفاهية شعب المملكة الحالي والمستقبلي.. وفى جميع الاستراتيجيات فإنه يلزم -ونحن نحاول تحقيقها - أن تتوافر لدينا المعايير والمعدلات التي نعمل في إطارها، والتي تتفق مع واقع مجتمعنا الآن ومستقبلاً، وهذا الواقع الاجتماعي والاقتصادي وما قد يطرأ ويتأثر به. كما ذكرت من قبل، وفي هذه الزاوية، فإنه يجب أن يكون واضحًا أن الاستراتيجية الخاصة بالنقل لا بد لها من تقويم سنوي، ويلزم أن تأخذ حقها في العرض والنقاش في المحافل العلمية والمجالس البلدية قبل أن تصل إلى (مجلس الشورى ومن ثم مجلس الوزراء)؛ لتصدر برامج هذه الاستراتيجية في قانون يلتزم به الجهاز التنفيذي في هيئة النقل خلال الحيز الزمني لهذه الاستراتيجية، لا تتغير بتغير (رئيس الهيئة أو وزير النقل)، ولكن بتغير المدخلات التي بُنيت في ضوئها الاستراتيجية الخاصة بالنقل.. وما يندرج على الاستراتيجية يندرج على برامجها الفرعية بكل ما يخص من نقل وطاقة ومرافق أخرى. هل نطمع في أن نرى يومًا حزمة استراتيجية متكاملة، لها قوة الاستمرارية للوصول إلى الأهداف المنشودة.. وقد نختلف في وسيلة الوصول إلى هذه الأهداف مع اختلاف الرؤى والإمكانات، ولكن لا ننحرف عن الأهداف التي تتكامل معًا، ويتشكل في ضوئها مستقبل العمران لدينا؟! أعتقد أن ذلك ممكن.. ودمتم بود.