جُبل الإنسان على حب من اتصف بالاستقامة وطاعة المولى وبالكرم والإعراض عن مساوئ الناس وحب الخير للغير، ولا سيما الذين أنعم الله عليهم بالمال الوفير وحبب انسيابه إلى مستحقيه من أرامل وأيتام ومحتاجين..، وهذه منّة من الله يَهبُها لمن يشاء من عباده، كأمثال الأستاذ الفاضل عبدالعزيز بن عبدالله البسيمي من آل بسام..، من مواليد بلدة أشيقر من أعمال الوشم سنة 1355ه وقد توفي والده في صباه الباكر سنة 1366ه وله من العمر أحد عشر عاماً، وعاش في كنف والدته سارة بنت أحمد الخراشي التي ربته تربية صالحة هو وأخيه الشقيق بسام، وتلقى بداية تعليمه في مسقط رأسه..، في الكتّاب على يد الشيخين الكريمين موسى بن عبدالرحمن الموسى، وعثمان بن عبدالرحمن أبا حسين، وعندما افتتحت المدرسة السعودية الابتدائية بأشيقر عام 1369ه التحق بها حيث وضع في الصف الثاني الابتدائي وحصل على شهادتها عام 1373ه ثم التحق بدار التوحيد بالطائف لمدة سنة، وترك الدراسة فيها بسبب حادث سير تعرض له وهو في طريق ذهابه للطائف، أثر في يده اليسرى تأثيراً بالغاً حيث أصيب بجرح وكسر مضاعف، قدر الله أن يتولاه طبيب غير ماهر وغير مختص ولم يلتفت للجرح حتى التهب، فكادت تذهب يده لولا لطف الله به، ولم يستطع بسبب ذلك مواصلة الدراسة في دار التوحيد، ولقد أجاد الشاعر القائل: وبعد أن تحسنت يده قليلاً مع بقاء عيب دائم فيها التحق بالمعهد العلمي بشقراء سنة 1375ه ولم يستمر فانتقل إلى الرياض ومارس بعض الأعمال التجارية البسيطة في البيع والشراء، فأنزل الله فيها البركة فنمت المادة لديه شيئًا فشيئاً حامدًا المولى على أفضاله وإنعامه، فأخذ يبذل بيد سخية من الأموال على الفقراء والأرامل والأيتام، ويمنح البعض من الأقربين مما أفاء الله عليه من النعم، وكأن هذا البيت قد مر على مسامعه في حياته: فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وفي سنة 1377ه واصل تعليمه في معهد المعلمين وحصل على شهادته في شهر ذي القعدة عام 1379ه وبعد تخرجه عين معلماً في مدرسة أشيقر الابتدائية، وباشر عمله في 13-4-1380ه ثم انتقل إلى الرياض سنة 1383ه معلمًا بالمدرسة الأهلية الابتدائية، وتنقل بعدها في عِدة مدارس... آخرها مدرسة لبيد بن ربيعة الابتدائية، وبعدها حصل على شهادات منها دورة عن حفظ القرآن الكريم عام 1403ه وشهادة مركز الدراسات التكميلية لمعلمي المرحلة الابتدائية بالرياض عام 1406ه، ثم طلب التقاعد المبكر وكان ذلك في 1-5-1413ه تاركاً أثرًا طيباً وذكراً حسناً في نفوس أبنائه الطلبة وزملائه في العمل، فهو على جانب كبير من الخلق الرفيع: فمجلسه رحب وصدره أرحب في استقبال من يزوره من أسرته وأقاربه ومعارفه، وله اهتمام كبير بالتاريخ يحفظ قصصه وحوادثه، ودقائق أخباره، وله باع طويل في حفظ الأنساب والأسر والقبائل، بأسلوب جيد يشد السامعين: ويُذكر أنه كان يشرف على بناء عدد من المساجد احتساباً للأجر من الله -جلّ ثناءه- منها مسجد: الفيلقية التاريخي بأشيقر سنة 1388ه وجامع حي الزهرة بالسويدي بالرياض (جامع أهل أشيقر) وغيرهما من المساجد والأعمال الخيرية... وعندما علم أن بداية دراستي الأولى كانت بدار التوحيد بالطائف عامي 1371- 1372ه تشوق للتعرف علينا فأخذ يمر بعض الوقت -مشكوراً- وهو في طريقه إلى الرياض، فنسعد بتلك الزيارات واللحظات القصيرة السعيدة، متذكرين أيام الدراسة الجميلة في هاتيك الأجواء اللطيفة ملتقى الطلبة المغتربين هناك لتلقي العلوم والآداب على تلك النخبة من مشايخ علماء الأزهر: لأن قوة الترابط والتآلف موجودة عند كل طالب احتضنته أم المدارس المباركة (دار التوحيد)، فالملك عبدالعزيز -رحمه الله- قد أحسن في تأسيسها عام 1364ه واختار موقعها لنهل طلابها من حياض العلوم والأدب على أيدي كبار العلماء... بعيدًا عن مشاغل أهليهم بنجد..، ولقد استقيت بعض نقاط هذا المقال من الأستاذ الفاضل عبدالله بن بسام البسيمي، وهذه من بعض الذكريات مع الأستاذ الكريم الراحل عبدالعزيز بن عبدالله البسيمي -أبي عبدالله- الذي انتقل إلى رحمة الله أثر مرض لم يمهله ضحى يوم الجمعة 8-9-1417ه -تغمده المولى بواسع رحمته-، وألهم ذويه وأبناءه وبناته وعقيلته أم عبدالله، ومحبيه الصبر والسلوان. ** ** - عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف