تعد الثقافة المستدامة أحد أركان التنمية المستدامة، كما أعلن الأمين العام للأم المتحدة في عام 2014، حين قدم تقريرًا عن دور الثقافة المهم في التنمية المستدامة، ومن خلال حضوري لفعاليات ثقافية بمملكة البحرين، كنت أتساءل عن سبب توهج الثقافة في مملكة البحرين، واستمراريتها وتنوعها، واكتشفت السر في ذلك إنها (الثقافة المستدامة) التي ساهمت بشكل كبير في تنمية أفراد المجتمع البحريني. إن منهجية الثقافة في البحرين، لا تعتمد فقط على تقديم حضارة وتاريخ وتراث البحرين للعالم, ولكنها تقدم أيضا ثقافة البحرين اليوم فهي تتجدد مع العصر، وتزهر بين الفنون والآداب والمعارف والعلوم الحديثة، وهذه الثقافة التاريخية والحضارية والمعاصرة تنتقل للأجيال الواعدة، فكنت أرى أطفالاً وناشئة وشبابًا في الفعاليات، وهنا تنمو الثقافة وتتلاشى الفجوات بين الأجيال. في البحرين تتلألأ أنشطة وفعاليات متنوعة وتفاعلية (فكر - فنون - آداب - علوم - تاريخ - ترجمات - تكنولوجيا) في مراكز، وجمعيات وملتقيات ثقافية تقدم الثقافة بطرح مشوق ومتجدد، ومعظم هذه الأنشطة تكون طوال العام، ومن بين تلك الملتقيات يشرق الملتقى الثقافي الأهلي بمركز عبدالرحمن كانو، ولكن من هو عبدالرحمن كانو؟ هو الوجيه المثقف الذي استثمر ماله في بناء الإنسان البحريني، عبر التعليم وعبر الثقافة لأن كلا منهما ينمي الإنسان، والإنسان من سيبني وطنه. في ليلة مشاركتي في الاحتفالية الشعرية والفنية بالعيد الوطني البحريني كان الملتقى منبرًا لتاريخ وحضارة البحرين وللفنون الجديدة والمواهب الشابة عبر أركان أنيقة؛ وهذه الأركان تتبع مؤسسات احترافية، وبعضها لأفراد، لكن يعملون باحترافية عالية. في بداية الليلة حكى رئيس مجلس إدارة المركز الشاعر علي عبدالله خليفة حكاية نشأة الملتقى الثقافي، حيث بدأ نبتة صغيرة في بيت، لينتقل بعد ذلك إلي ديوانية، ثم ينتقل لمبنى المركز، وهنا حضرت النساء، واتسع تمكين المرأة البحرينية ثقافيا. لم يكن الملتقى الثقافي إلا نبتة صغيرة تم سقايتها، ورعايتها بالعقول المبدعة والمال، فنمت تلك الزهرة، وأينعت وأصبح اسمها الملتقى الثقافي الأهلي، وبعد شهور قليلة سوف ينتقل إلى المبنى الجديد المزود بقاعات وتقنيات حديثة. تلك الحكاية علمت الحضور أن المشاريع الثقافية تحتاج فكرًا متفتحًا يحمل رؤية بعيدة المدى، ومثابرة، ومتابعة وأيضا دعمًا ماديًّا أيضا من الحكومات وأثرياء المجتمع. لم يقتصر الملتقى الثقافي على مشاركات البحرينيين، ولكنه فتح أبوابه للمثقفين الخليجين والعرب فكان منارة إشعاع ثقافي في منطقة الخليج والعالم العربي. ولكن الذي أدهشني في الملتقى الثقافي الروح الحميمية بين أعضاء الإدارة، فعلاقتهم ببعضهم البعض ليست فقط فعاليات، ولكن هناك تواصل اجتماعي، فقد وجدت نفسي بين أسرة واحدة، والجميع لديه شعور حب وانتماء للملتقى. وهذا ساهم في إزهار الملتقى. وقبل وبعد إنها البحرين، اللؤلؤة الساطعة في منطقتنا بتاريخها، بحضارتها، برقي أهلها، التي تمد يديها بمحبة وسلام إلى العالم. فاصلة يا سادة هنا لؤلوة، يغنيها الخليج، يهامسها الخليج، تزهر كل يوم، فتنثر الأريج، للكون والبشر ** **