لم أكن بدأتُ الجملة وألفظ ببضع كلمات إلا وقاطعني فوراً ليخبرني عن رأيه في الموضوع. لما أنهى كلامه أكملتُ من حيث انتهيت وما هي إلا ثانية حتى قاطعني من جديد. صمتُّ وتركته يتكلم كيف شاء، فما الفائدة؟ أكيد أنك يمر عليك مثل ذلك. من لا يُحسِن الإنصات. تتكلم فيقاطعك. تراه لا ينظر إليك بل إلى أشخاص آخرين رغم أنك تتكلم بحماس أو عن شيء يهمك بينما عينه تنظر إلى شخص دخل المكان. يتفحّص جواله رغم أنك أمامه تتكلم! كلها أشياء تنقص من الجاذبية الشخصية (الكاريزما)، كما تقول أوليفيا فوكس التي وضعت كتاباً في هذا، والجاذبية مهمة، ولولاها لما اكترث أكثر الناس بالشخص وكلامه حتى لو كان كلامه صحيحاً. للجاذبية عناصر، من أهمها الإنصات، أنت تنصت للآخرين، حتى إنه إنك يمكنك أن تبهر الناس بمجرد الإنصات التام والمهتم، وذلك بأن تكون حاضراً بعقلك. البعض يسمع لكنه لا ينصت، باله مشغول. الحضور هو إعطاء الانتباه الذهني لمن أمامك، والجوال صار من ألد أعداء ذلك، وصف لي شعورك وأنت تتكلم وترى من أمامك يمسك هاتفه المتنقل ليقرأ رسالة أو حتى يرد على مكالمة غير ضرورية. عنصر آخر في الإنصات ألا تقاطِع، حتى لو رغبت أن تدعم كلام من أمامك بوجهة نظر مؤيدة، المقاطعة سيئة. أحدهم يقول: «حصلت على عدة عروض عمل فقط لأني تركت المقابِل يتحدث بحرية تامة». من طبيعة الناس أنهم يحبون الكلام وأن يسمعوا أنفسهم يتكلمون. المستمع الجيد لا يقاطع أبداً، والأفضل منه من يسمح للناس بمقاطعته حتى لو ضايقه هذا، أما المنصِت الأفضل على الإطلاق فهو يعرف طريقة إضافية، وهي بسيطة لكن تأثيرها بالغ ويجعل الناس فعلاً يشعرون أنك سمعتهم وفهمتهم، وهي أن تتوقف قليلاً قبل الإجابة، وطريقتها الصحيحة: 1) ينتهي الشخص من كلامه. 2) أظهِر تعابير الاستيعاب والاهتمام. 3) اصمت ثانيتين. 4) تكلم. الإنصات السليم جزء مهم من الجاذبية، وسيجعل الكثيرين يحبون الكلام معك وينجذبون إليك لو طبقته بشكل يُشعرهم أنك تهتم بكلامهم وأفكارهم.