لطالما كان للدكتور سعد البازعي هم ثقافي ومعرفي يناضل من أجله وهكذا كان الحال حين غرد مؤخرًا في تويتر حول تساؤلاته عن غياب وزارة الثقافة عن المشهد الثقافي وعدم خروجها حسب ذكره بشيء مفيد، ثم تلتها بأيام تغريدة أخرى كرر فيها نداءاته حيث قال: "لو تلقت مؤسساتنا الثقافية ربع ما تتلقاه الأندية الرياضية من الدعم لكانت الحركة الثقافية شيئا آخر". من هنا اشتعل فتيل النقاش والتعقيبات من المهتمين والمثقفين وكان من أبرزهم الروائي الدكتور محمد حسن عَلوان الذي كان له رأي مختلف عمَّا يراه الدكتور البازعي حيث وصف هذه المقارنة بين المؤسسات الثقافية والأندية الرياضية بالمستهلَكة ولا شيء يجمع بين المجالين إلا القليل، وكانت له وجهة نظر من زاوية تسويقية عزاها بأن العوائد المُنتظرة من الدعم الرياضي سريعة بينما نحتاج لدورة حياة كاملة حتى نجني ثمار الدعم الثقافي. للدكتور البازعي أسبابه المُقنِعة ومطالِبُه مشروعة فالأهمية مُلحَّة لنشر الثقافة والوعي في ظل تفشي السطحية وتهميش أهميتها بحجج رأسمالية ستُضعف التنمية الثقافية، في حين كان للدكتور عَلوان اقتناعاته المنطقية أيضًا بأن لا شيء قد يجبر المستثمر للمغامرة بماله في تمويل أنشطة أدبية عائدها (المادي) غير مضمون مقارنة بدوري كرة قدم وأن التدخل الحكومي في هذا الشأن يحتكم لاشتراطات سياسية لا اقتصادية. هموم المثقفين كبيرة وما زالت عالقة فالحِراك الثقافي بحاجة لدعم مادي يوفر بيئة جاذبة وإمكانيات مجدية لنشر الوعي، والمُستثمر المستقل له الحق في اختيار الجواد الذي يراهن عليه بِماله. أما سباق التطوير الوزاري تقدمت فيه التعليم بتسجيلها نقطة لصالحها حين ضمَّنت مناهج الفكر الفلسفي وأعادت مناهج الإملاء والخط، في حين أن وزارة الثقافة لم تضع بصمتها بعد وهي التي يقع على عاتقها الكثير ونعلق آمالنا عليها، لكنها غائبة حتى الآن عن دورها الثقافي المنوط بها بعيدًا عن دائرة الترفيه المشبعة حاليًا. وقبل كل هذا نحن بحاجة إلى قرار سيادي يوجب دعم المؤسسات الثقافية فيكفيهم على سبيل المثال إلقاء نظرة على المباني المتهالكة للنادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون بالعاصمة (الرياض) ليعلموا حال بقية المؤسسات ومدى حاجتها للإنقاذ، ففي حين تقام المناسبات الرياضية في أستاد فخم، تقام المناسبات الثقافية داخل خيمة من قماش في باحة جمعية ثقافية تستغيث وما من مجيب. - حنان القعود