المملكة تقودها قيادة حكيمة قادرة على إدارة شؤونها الأمنية والاقتصادية دون الحاجة إلى أحد، وتستطيع الرد على كل من يشكك في سيادتها وقوتها والمساس بمكانتها والتعرض لقيادتها، فكل سيذهب وتهديداته أدراج الرياح وستبقى السعودية في قمة السمو والرفعة، ولن يضيرها اتهامات مجلس الشيوخ، فما صدر يدل على أنهم متواضعي الحكمة والبصيرة لأهمية العلاقة مع المملكة، وهذا يأتي عكس إدارتهم الحريصة على تعزيز العلاقة بدولة ذات سيادة لا تسمح لأحد بالتدخلات في شؤونها الداخلية. تمثل ردود الفعل العالمية البيانات التي أصدرتها عقب الادعاءات والاتهامات، فقد استنكر مجلس الشورى الموقف الأخير الذي اتخذه مجلس الشيوخ الأمريكي «الكونجرس» ومحاولته للتدخل في شأن المملكة، و»هيئة كبار العلماء» التي ترفض الموقف ذاته، وكذلك صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية بما يلي: بأن المملكة العربية السعودية تستنكر الموقف الذي صدر مؤخراً من مجلس الشيوخ في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي بني على ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة، ويتضمن تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، ويطال دور المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي. لا شك بأن الاتهامات ضد المملكة استفزت المسلمين في جميع أنحاء العالم، فقد استنكر مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية ودول البحر الكاريبي المراكز التابعة له والمتعاونة معه كافة بشدة، الموقف الذي صدر مؤخراً من مجلس الشيوخ الأمريكي تجاه المملكة العربية السعودية. يجدر بنا ألا ننسى عدم رضا الناس عن الكونغرس بنسبة 80 بالمائة من العامة والسياسيين ولم يكونوا راضين عن أدائه، وتدخلاتهم فيما لا يعنيهم، وأن بعض الأعضاء فضلوا الزج بقضايا خارجية في صراعهم مع ترامب دون تقدير لعواقب هذا التدخل، وبحسب نتائج الدمار في منطقة الشرق الأوسط كان بتأييد وتحريض من أعضاء الكونغرس مثل حرب العراق وغيرها، فالأزمات ليست حديثة. في حين يتسامح أعضاء الكونغرس مع نظام الأسد الذي قتل مليون سوري، وأعدم ميدانياً 89 لاجئاً فلسطينياً، وتغض الطرف عن العصيان التركي واعتقاله لآلاف الصحفيين وتنكيله للمعارضين لحزب أردوغان، ومقتل السفير الروسي على الهواء في مشهد مأساوي، وقتل الرئيس علي عبدالله صالح أمام الكاميرات، وتجاوزات إيران بإرسالها الصواريخ الباليستية على المملكة من أرض اليمن بمعول مليشيات الحوثيين، والانتهاكات المتكررة للعدو الإسرائيلي وحصاره لغزة وقتله لأكثر من 350 مواطنًا فلسطينيًّا بغزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي يتوق العالم لكشفها حول هذا التضارب والتناقض في قرارات واتهامات مجلس الشيوخ الأمريكي للسعودية وتسليط جهودهم على شأن داخلي لا يحتمل سجالاً دوليًّا في قضية لصحفي سعودي خاشقجي، وهو ما يحسب ضد العلاقات التاريخية القائمة بين البلدين العريقين، لا شك أن تدهور العلاقات بين الحلفاء بالغة التكاليف وباهظة جداً. علاوة على ذلك، ينعكس التأثير البالغ القوة على علاقات الحلفاء، فالسعودية القوة الاقتصادية في العالم، إذًا ينبغي على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تتقبل فكرة أن المملكة في منطقة نفوذ اقتصادي، وتؤكد حرصها على استمرار وتطوير العلاقات معها، فإنها تبدي استغرابها من مثل هذا الموقف الصادر من أعضاء في مؤسسة مهمة في دولة حليفة وصديقة. كما نعلم جميعاً، أننا نواجه هجمة شرسة من قطر وتركيا وإيران، ولا حاجة بنا إلى خوض غمار هذه الملف المعقد، حيث تواجه المملكة تخطيطًا إستراتيجيًّا إقليميًّا وعالميًّا من منافسين هم في الحقيقة أضداد فيما بينهم، وكل منهم يخوض حربًا إرهابية تهدد السلم العالمي وتعتبر الأخطر على تاريخ الأمم وجغرافيتها.